نال الفلسطينيون والعرب نصيباً وافراً من العمليات الإرهابية الصهيونية الهادفة لاقتلاع الفلسطينيين، ما سبب تشريد الآلاف منهم إلى خارج أراضيهم ووطنهم، فقد غلب أسلوب مهاجمة القرى والمدن العربية وارتكاب المذابح الجماعية دون تمييز بين رجل وامرأة وطفل وكهل أو بين أولئك العزل وبين من يحملون السلاح دفاعاً عن حقوقهم.
ففي كانون الثاني من العام 1948، ارتكبت العصابات الصهيونية مذابح جماعية راح ضحيتها الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني التي كان المقصود منها إلى جانب الإبادة ارتكاب أبشع أنواع الفظاعات ونشر أنبائها بين القرى والمدن الفلسطينية لخلق حالة من الذعر بين المواطنين الفلسطينيين تدفعهم إلى الرحيل، ولاشك أن الغاية المنشودة من وراء ذلك كله تفريغ فلسطين من سكانها وفرض المستوطنين الصهاينة وكيانهم الغاصب على شعب فلسطين وأرضها، وقد تم هذا من خلال الإرهاب المباشر الذي تقوم به المنظمات الإرهابية (المذابح، ميليشيات، المستوطنين، التخريب، التمييز العنصري)، والإرهاب المباشر، المنظم والمؤسسي الذي تقوم به السلطات الإسرائيلية (التهجير، الهيكل القانوني للكيان الإسرائيلي، التفرقة العنصرية من خلال القانون، الجيش الإسرائيلي، الشرطة الإسرائيلية، هدم القرى).
ولعل اللائحة السوداء لهذه المجازر مثال واضح على المشروع الصهيوني الاستيطاني الاحتلالي الذي يعد الإرهاب والقتل والإبادة الجماعية أبرز آلياته، وفيما يأتي عرض للائحة السوداء التي تتضمن سجلاً بهذه المجازر الإرهابية، وعدد ضحاياها والعصابات الصهيونية التي تلطخت أيديها بدماء الضحايا من الأبرياء والعزل:
مجزرة يافا: وقعت هذه المجزرة بتاريخ 4/1/1948، إذ ألقت عصابة “شتيرن” الإرهابية الصهيونية قنبلة على ساحة مزدحمة بالناس في مدينة يافا فقتلت خمسة عشر فلسطينياً، وأصابت ثمانية وتسعين آخرين بجراح.
مجزرة السرايا القديمة: وقعت هذه المجزرة بتاريخ 4/1/1948، حين وضعت عصابة “الأرغون” الإرهابية الصهيونية سيارة مملوءة بالمتفجرات بجانب السرايا القديمة في مدينة يافا فهدمتها وما جاورها، فاستشهد نتيجة لذلك ثلاثون عربياً، وجرح آخرون.
مجزرة سميراميس: وقعت هذه المجزرة بتاريخ 5/1/1948، حيث نسفت عصابة “الهاغانا” الإرهابية الصهيونية بالمتفجرات، فندق سميراميس في حي القطرون العربي في مدينة القدس فتهدم الفندق على من فيه من النزلاء وكلهم عرب، واستشهد في هذه المجزرة تسعة عشر عربياً وجرح أكثر من عشرين آخرين، وبعد هذه المجزرة بدأ سكان حي القطمون بالنزوح نظراً لقربه من الأحياء اليهودية.
مجزرة القدس: وقعت بتاريخ 7/1/1948، حين ألقت عصابة “لأرغون” الإرهابية الصهيونية قنبلة على بوابة يافا في مدينة القدس، فقتلت ثمانية عشر مواطناً عربياً، وجرحت واحداً وأربعين آخرين.
مجزرة السرايا العربية: وقعت بتاريخ 8/1/1948، فقد وضعت العصابات الإرهابية الصهيونية سيارة ملغومة قرب بناية السرايا العربية المقابلة لساعة يافا المعروفة، وكانت البناية تضم مقر اللجنة القومية العربية في يافا، وأدى الانفجار إلى استشهاد سبعين عربياً، إضافة إلى عشرات الجرحى، وقد أوردت مجلة الجيش الصهيوني “بماحانيه” في عددها الصادر بتاريخ 4/1/1978، تفاصيل تنفيذ هذه المجزرة، وذلك على لسان الإرهابي الصهيوني “رحميم حكموب” منفذ هذه المجزرة.
مجزرة حيفا: وقعت بتاريخ 14/1/1948، إذ قتلت العصابات الإرهابية الصهيونية في مدينة حيفا خمسة عشر مواطناً وأصابت ثمانية وتسعين آخرين بجروح.
مجزرة الرملة: وقعت بتاريخ 15/1/1948، حين نفذ جنود “البالماخ” بقيادة “إيغال آلون” و”إسحاق رابين”، و”ديفيد بن غوريون” من منظمة “الهاغانا” الإرهابية الصهيونية، مجزرة في مدينة الرملة عندما ألقى عناصر من هذه العصابة الإرهابية القنابل على أحد المساكن العربية ما اضطر المواطنين العرب الذين كانوا يسكنون هذه المنطقة إلى الهرب إلى صرفند بعد أن أمطرهم الإرهابيون الصهاينة بوابل من الرصاص.
مجزرة حيفا: وقعت بتاريخ 16/1/1948، حيث قتلت العصابات الإرهابية الصهيونية اثنين وثلاثين عربياً، وجرحت أربعة وستين آخرين.
مجزرة يازور: وقعت بتاريخ 22/1/1948، في قرية يازور العربية الفلسطينية، على بعد خمسة كيلومترات إلى الجنوب الشرقي من مدينة يافا، حيث وجه قائد عمليات منظمة “الهاغانا” الإرهابية الصهيونية “إيغال يادين” أمراً إلى قائد “البالماخ” جاء فيه: “عليك القيام بأسرع وقت ممكن وبدون أية أوامر أخرى، بعملية ضد قرية يازور، ويجب أن يكون الهدف إزعاج القرية فترة طويلة، عن طريق القيام بعمليات تسلل إلى داخلها وإحراق عدد من المنازل، وإنني أمنحك صلاحية اختيار أسلوب العمل”. وبعد ساعتين من تلقي هذا الأمر، قامت مجموعة تابعة للبالماخ بمهاجمة حافلة نقل قرب يازور فأصيب نتيجة هذا الهجوم سائق الحافلة وعدد من الركاب العرب، وفي اليوم نفسه هاجمت مجموعة أخرى حافلة نقل أخرى وأوقعت فيها عدداً من الشهداء والجرحى، واستمرت هجمات “البالماخ” ولواء “جفعاتي” على قرية يازور والسيارات العربية المتجهة إليها، عشرين يوماً متواصلاً كما قامت وحدات أخرى بتفجير العبوات الناسفة قرب المنازل.
وفي اليوم نفسه قررت قيادة “الهاغانا” مهاجمة قرية يازور، ونسف مصنع الثلج ودمرت بنايتين مجاورتين له، وأسندت مهمة التخطيط لهذه العملية إلى ضابط عمليات “البالماخ” الإرهابي “إسحاق رابين”، وكان مسؤول شعبة التدريب آنذاك “يسرائيل طال” وتقرر البدء في الهجوم مع بزوغ الفجر، وفي الليل تم جمع الذين سيشاركون في تنفيذ العملية، في مستوطنة “مكفي يسرائيل”، ووصلت كيبوتس “خلدا” مجموعة بقيادة “يهو شواع نبو”، ووصل “أمنون جنسكي” مع مجموعة من خبراء المتفجرات العاملين في قيادة “البالماخ”، وتم إحضار الأسلحة والذخيرة اللازمة، وانطلقت القوات الإرهابية إلى قرية يازور عبر بيارات البرتقال، فقامت مجموعة “يسرائيل طال” بإطلاق النار على مصنع الثلج في القرية، كما قامت المجموعات الأخرى بإطلاق النار والقنابل اليدوية علي البيوت، أما مجموعة “يهو شواع نبو” فقد قامت بتفجير بوابة مبنى “اسكندروني” ومبنى معمل الثلج، أسفرت هذه المجزرة عن سقوط خمسة عشر شهيداً من سكان يازور، وقد جرى قتلهم وهم نيام.
مجزرة حيفا الثانية: وقعت هذه المجزرة بتاريخ 28/1/1948، حين قام الإرهابيون الصهاينة من حي “الهادار” المرتفع بدحرجة برميل مملوء بالمتفجرات على شارع عباس العربي في مدينة حيفا في أسفل المنحدر، فهدم البيوت على من فيها، واستشهد نتيجة ذلك عشرون مواطناً عربياً وجرح نحو خمسين آخرين.
وما زال مسلسل المجازر، والقتل والإبادة الجماعية، مستمراً ويسقط كل يوم ضحايا أبرياء من المدنيين أطفالاً ونساء وشيوخاً في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما تزال سلسلة الأعمال الإرهابية متواصلة بغرض بث الرعب في أوساط الفلسطينيين وترويع السكان الآمنين، لإجبارهم على إخلاء بيوتهم وترك أراضيهم وممتلكاتهم، وتشريدهم عن وطنهم ومدنهم وقراهم، ولهذا سيبقى الكفاح الشعبي العارم، والموقف السياسي الممانع والداعم للمقاومة هو العلاج العملي لهذه السياسية المتأصلة في جذور الفكر الصهيوني لا التطبيع أو أو المفاوضات العبثية التي لا جدوى منها سوى إعطاء مسوغات لارتكاب مجازر وعمليات قتل وإبادة جديدة.
المصدر: البعث
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال