مجموعة البريكس وتشكيل اتحاد ضد العقوبات والاقتراح العملي لإيران
بينما نشهد تحول مجموعة البريكس إلى واحدة من ركائز النظام العالمي الجديد فإن أحد أهم إنجازات حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الثالثة عشرة واستمرارها في الحكومة الرابعة الجديدة هو عدم ربط القدرات الاقتصادية والدبلوماسية للبلاد بالغرب، واتخاذ موقف من التعاون النشط والبنّاء لإيران، مثل الانضمام إلى التحالفات والمجموعات الدولية الجديدة مثل البريكس وشنغهاي بقيادة أو رئاسة القوى الاقتصادية النامية. ويعتبر الانضمام الكامل لإيران إلى تحالف مثل البريكس مثالاً على الأداء الناجح لإيران في التعددية، ويحتوي على مزايا متبادلة خاصة اقتصادية وسياسية لإيران ولأعضاء وأصدقاء البريكس.
في البداية يجب الإشارة إلى أن الموقع الجغرافي لإيران، وعدد سكانها، ومواردها الوفيرة، يمكن أن تكون مزايا ملحوظة للبريكس وأعضائها الرئيسيين وأصدقائها في جميع المجالات. من جهة أخرى يمكن أن يؤدي انضمام إيران إلى البريكس في المقام الأول إلى إنشاء وتطوير شبكة اتصالات أوسع وأكبر لإيران، مما يؤدي في النهاية إلى تحييد تأثير العقوبات وإقامة آليات جديدة في الاقتصاد الدولي مثل تأسيس "بنك دول البريكس"، الذي تم تفعيله تحت عنوان "بنك التنمية الجديد"، والذي يمكن أن ينهي هيمنة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في الاقتصاد والسياسة العالمية. وهذا سيعود بالفائدة على الأعضاء في المجالات السياسية والاقتصادية.
تشير التوقعات والتقديرات إلى أن مجموعة البريكس من خلال جذب أعضاء جدد وتوسيعها المتوازن إلى جانب بعض التحالفات الأخرى ستصبح قوة رائدة في تغيير العلاقات الدولية، وستسرع المسار نحو نظام عالمي جديد على المستوى الدولي. يعتقد العديد من الخبراء أنه بحلول عام 2050، ستشكل مجموعة البريكس أكثر من 40% من الإنتاج الاقتصادي العالمي [1]وبالتالي فإن البريكس بتوسعها السريع ستتفوق على تحالف مثل مجموعة السبعG7 [2] الذي يتفوق الآن حتى من حيث حصته في الاقتصاد الدولي وستصبح بالتأكيد واحدة من الجهات الفاعلة الرئيسية والمكونة في مستقبل النظام الدولي، مما يؤدي مع انضمام قوى مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى مزيد من تآكل هيمنة الغرب، ويخلق بيئة اقتصادية وسياسية عادلة بين الدول مما يتيح التنمية التعددية والازدهار الاقتصادي المستدام لأعضائها.
وفي هذا السياق خلال الأسبوع الماضي في اجتماع المسؤولين الأمنيين لدول البريكس في سانت بطرسبرغ بروسيا، طرح أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وممثل المرشد الأعلى علي أكبر أحمديان، اقتراح "تشكيل نادي الدول ضد العقوبات وآليات عملية منسقة لمواجهة العقوبات"، داعيًا إلى إطلاق آليات أمنية خاصة بالبريكس تحت عنوان "لجنة أمن البريكس" بهدف التعاون المشترك في مجالات السلام والأمن الدوليين من أجل تأمين السلام والأمن في العالم.[3]
بالنظر إلى أسس تشكل البريكس ومفهومها الأساسي في تشكيل النظام العالمي الجديد بهدف إصلاح الهيكل الاقتصادي غير العادل القائم وتحدي النظام العالمي تحت هيمنة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين[4]، فإن هذه المبادرة العالمية بالإضافة إلى الدور الاقتصادي البارز الذي ستؤديه، ستتحول سياسيًا إلى مواجهة شاملة مع الغرب، ومع حضور الدول القوية في هذه المجموعة ستؤسس نواة قوية ضد معسكر الغرب. هذا الاقتراح في الوقت المناسب من إيران يمكن أن يضمن إلى جانب الأهداف الاقتصادية والسياسية طويلة الأجل حماية السلام والاستقرار وتأمين الأمن المستدام في العالم من خلال تنفيذ آليات عملية ومنسقة لمواجهة العقوبات الجائرة والانفرادية من الغرب ضد الدول والشعوب المستقلة.
في الختام من الضروري الإشارة إلى أنه على الرغم من أن أحد أهم الأهداف الاقتصادية لمجموعة البريكس هو الانفصال عن الدولار كعملة معيارية للتجارة الدولية وإزالة الدولار من المعاملات التجارية باستخدام العملات الوطنية،[5] فإن تحت ظل الاقتراح الإيراني لاستغلال هذه الفرصة هو تحييد العقوبات الجائرة والأحادية من الغرب ضد الحكومات والشعوب المستقلة في جميع أنحاء العالم، ويمكن عقد الأمل على إنهاء عدم الاستقرار الناجم عن أفعال الغرب في العالم وتأمين سلام دائم لجميع الدول، مما يضمن المنافع المشتركة لجميع الدول وليس لدولة أو عدة دول معينة.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال