في تصريحاتٍ سابقة لوزير الدولة للشؤون الخارجيّة السعودي عادل الجبير، قال إن بلاده تستطيع شراء السلاح والمنظومات الدفاعيّة من بلاد عسكريّة كثيرة، وجاء ذلك التعليق في حينها، حول رغبة ألمانيّة بوقف بيع السلاح للمملكة.
هذه القُدرة السعوديّة على شراء السلاح، يبدو أنها اصطدمت مع الحليف الأمريكي وإدارته الديمقراطيّة للرئيس جو بايدن، والخلفيّة أيضاً اليمن، فعلى الرّغم من تواصل هجمات أنصار الله اليمنية، إلا أن امريكا، أمرت بسحب منظوماتها الدفاعيّة من المملكة، وهو توقيت دفع بتساؤلات وجود خلافات عميقة بين الحليفين التاريخيين، وأسبابه التي قد تتعلّق بدور سلبي للسعوديّة في الملف الأفغاني، وعدم استقبال اللاجئين الأفغان، وتأجيل زيارة وزير الدفاع الأمريكي بسبب ما قال إنه “مُشكلة في الجدول الزمني”.
وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، والذي قال الأمير سطام بن خالد آل سعود، بأنّ بلاده “العُظمى” قد ألغت زيارته، وإنها لا تقبل الإملاءات من أحد، لم يشرح الأمير بتغريدته ما هي تلك الإملاءات الأمريكيّة، لكن شدّد في المُقابل على استقبال مسؤول روسي بحفاوة، ولقائه الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع السعودي وولي العهد، وزير الدفاع أوستن هذا وجّه في وقتٍ سابق القيادة المركزيّة الأمريكيّة بسحب أنظمة صواريخ ومعدّات وجنود من المملكة، والأخيرة تعتمد على منظومات دفاع جوّي لصد هجمات اليمنيين، وحماية أهدافها الحيويّة.
سحب منظومة الدفاع الأمريكيّة من السعوديّة، لا يبدو سحباً في إطار المُناكفات، بل يصل لحدّ الخلافات، فالسعوديّة إلى جانب صور الأقمار الصناعيّة التي أظهرت فعلاً سحب هذه المنظومة، لجأت لليونان، رغم أنّ خيارات المملكة كما قال الوزير الجبير لشراء السلاح عديدة، ولا تنحصر في بلدٍ ما، حيث اللافت في هذا الاتفاق، أنه جرى على “سبيل الإعارة”، وليس البيع.
وبالتزامن مع سحب المنظومة الأمريكيّة الدفاعيّة، أعلن رئيس هيئة الأركان اليونانيّة كونستيندينوس فلوروس، إرسال بلاده منظومة صواريخ باتريوت إلى السعوديّة، ونشر صور لحفل وداع المنظومة وقوّات يونانيّة محدودة مُشغّلة لها تابعة للجناح القتالي 114، وهو ما يطرح تساؤلات حول وجود قوّات سعوديّة مُدرّبة تقوم على تشغيل هذه المنظومة، من عدمه، مع إرسال اليونان قوّات مُشغّلة لهذه المنظومة الدفاعيّة، وسحب الأمريكيين لجُنودهم الذين جرى إرسالهم قبل سحبهم لتشغيل منظومتيّ باتريوت، ومنظومة “ثاد” الحراريّة للدفاع الجوّي عالي الارتفاع.
ولا تُعوّل القيادة السعوديّة فيما يبدو على الدعم الأمريكي، خاصّةً إذا امتنعت دول غربيّة، وأوروبيّة عن تزويدها بتعليماتٍ أمريكيّة بتلك المنظومات الدفاعيّة، وهو ما يُهدّد أهدافها الحيويّة المُستَهدفة من قِبَل اليمنيين، وعليه وافق مجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز، على إنشاء الهيئة العامّة للتطوير الدفاعي، مهمّتها البحث والتطوير في مجالات التقنية والأنظمة الدفاعيّة، ويأتي الإعلان عن إنشاء هذه الهيئة بعد سحب أمريكا لأنظمتها الدفاعيّة.
وفي سياقٍ مُتّصل، قال موقع “بريكنغ ديفنس” المُتخصّص بالشؤون الدفاعيّة، إن السعوديّة تواصلت مع “إسرائيل” بشأن إمكانيّة شراء أنظمة دفاع صاروخي إسرائيليّة الصّنع، وذلك بعد إزالة الحليف الأمريكي الأنظمة التي تعتمد عليها مُنذ فترة طويلة، ويقول الموقع إن الاهتمام السعودي بالصفقة وصل لمراحل مُتقدّمة.
لم تُؤكّد المملكة هذ التواصل ولم تنفيه حتى كتابة هذه السطور، إلا أن الأخيرة لا تجمعها علاقات رسميّة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، بكُل الأحوال ووفقاً لمصادر إسرائيليّة تحدّثت لذات الموقع المذكور، فإن تلك الصفقة “تحتاج مُوافقة واشنطن”، وهو ما يعني أن خيارات المملكة حال الرفض الأمريكي ستبقى محدودة إن لم تكن معدومة.
المُثير لانتباه المُعلّقين، أن الموقع أشار إلى أن السعوديين يدرسون إمّا شراء منظومة القبّة الحديديّة الإسرائيليّة، أو نظام الدفاع الجوّي الصاروخي “باراك إي أر”، وهي كلها منظومات فشلت أو لم تكن على المُستوى الذي يمنع صواريخ المُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة بمعركة “سيف القدس” الأخيرة من الوصول لأهدافها بدقّة ودفع المُستوطنين للاختباء، وقد أعلن الإسرائيليّون أساساً فشل قببهم الحديديّة، وينتظرون العطف الأمريكي لاستبدالها.
وحدها روسيا من تستطيع أن تكون البديل العسكري للتسليح السعودي دون الحاجة لمُوافقة واشنطن، لكن الأخيرة تضع “فيتو”، وقد أنزلت عُقوباتها على تركيا وليرتها وصناعاتها التسليحيّة، التي اشترت منظومة “إس-400 ” الروسيّة، مع فارق لافت أن أنقرة لديها صناعات تسلّحيّة محليّة قائمة، خلافاً للسعوديّة التي أعلنت دُخولها المجال حديثاً، يقول مراقبون.
المصدر ؛ رأي اليوم/ خالد الجيوسي
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال