يرى البروفيسور الإسرائيلي المختص في جامعة تل أبيب في الشؤون السورية ايال زيسير، في تحليل نشره موقع المجلة الإلكترونية «جويش سانديكيت نيوز» اليهودية الأميركية في 21 شباط الجاري أن «روسيا قادرة على شن حروب على جبهات متعددة في وقت واحد، وهذا ما أشارت إليه موسكو حين قام وزير الدفاع الروسي شويغو بالإشراف قبل أسبوع على مناورات حربية في البحر الأبيض المتوسط وقرب سواحل سورية واجتمع بالرئيس بشار الأسد»، ويشير زيسير إلى أن زيارة شويغو والمناورة الروسية «لم تأت من فراغ بل هي رسالة للغرب بأن الموضوع المتعلق بأوكرانيا وحلفائها لن يشكل أزمة كبيرة لروسيا وأنها مستعدة لأي مجابهة مع الغرب حتى لو امتدت من بحر البلطيق إلى البحر الأحمر أيضاً».
ويضيف زيسير: إن «إسرائيل تسير الآن بين خطين، الأول إعلانها بالالتزام مع الحليف الأميركي من جهة، والامتناع من الجهة الأخرى عن التسبب بغضب من موسكو»، ويرى أنه لهذا السبب بدأ المسؤولون في إسرائيل يخشون من مضاعفات الأزمة الأوكرانية الروسية على الشرق الأوسط، وفي مقاله المذكور يحلل زيسير القيمة التي شكلتها سورية لموسكو وعلاقات الجانبين المتينة التي مهدت لروسيا الانتقال إلى دور القوة العالمية والمشاركة في رسم السياسات الدولية برغم معارضة ومقاومة الغرب لها، ويعرب عن اعتقاده بأن روسيا تعد نفسها في هذه الظروف لكل الاحتمالات وتضع في جدول عملها في الشرق الأوسط «اهتماماً كبيراً في هذه الأوقات بالوحدات الأميركية الموجودة في شمال شرق سورية وبالقوات التركية التي احتلت أراضي سورية، عند حدودها مع شمال سورية، وسوف تطالب إسرائيل بالكف عن أي عمل عسكري ضد الأراضي السورية وبخاصة لأن موسكو ستشكل حلفاً قوياً مع طهران وبكين في هذه المنطقة».
قيادة الكيان الإسرائيلي تدرك منذ سنوات أنها تتعرض لمواجهة من أربع جبهات، وكررت مخاوفها هذه في مناسبات عديدة، اثنتان من الشمال، أي من جنوب لبنان ومن حدود الجولان المحتل، وثالثة من قطاع غزة في الجنوب، ورابعة في الوسط من داخل الأراضي المحتلة في الضفة الغربية والقدس، وتعرف القيادة الإسرائيلية أيضاً أن خوض هذه الحرب سيعتمد على الصواريخ والمسيرات الهجومية من جبهة الشمال ومن جبهة الجنوب، ورأت أنه من المألوف لهذه الصواريخ أن تصل إلى جميع أرجاء الكيان الإسرائيلي، ولهذه الأسباب يدعو زيسير القيادة في تل أبيب إلى «التمسك بالحذر واتخاذ سياسة متوازنة تجاه ما يجري في ساحة أوروبا وفي المنطقة والامتناع عن الانخراط بما تقوم به الولايات المتحدة والأطلسي في أوروبا ويكفيها ما تواجهه هنا، ويرى زيسير أن تل أبيب لا وجود لأي قيمة مؤثرة لها فيما يجري على الساحة الروسية الأوكرانية واتساع مضاعفاتها هناك.
وخلال الفترة الأخيرة، تناول عدد من المحللين في تل أبيب، الأزمة الغربية مع روسيا وموضوع أوكرانيا بتحليلات سادتها المخاوف، وعلى مبدأ أن كل تزايد في قدرة روسيا الاتحادية على فرض سياستها في تلك المنطقة الأوروبية في مواجهة الولايات المتحدة، سيشكل تزايداً لقدرة حلفائها في منطقة الشرق الأوسط، وبأن زيادة العقوبات عليها، سيدفع بها إلى تعزيز علاقاتها مع حلفائها الذين تستهدفهم الولايات المتحدة بالحصار والعقوبات الاقتصادية، ويتيح لهم تعزيز قدراتهم الاقتصادية والعسكرية.
يبدو أن العالم أثناء استمرار تطورات أزمة الغرب مع روسيا في الموضوع الأوكراني وما بعد هذه الأزمة، لن يعود كما كان قبل وقوعها وتطوراتها الأخيرة على مستوى أوروبا والمنطقة والعالم.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال