تعكس الرسائل المكثفة التي تراكمها القوات المسلحة اليمنية على امتداد الخريطة الجغرافية، ما يجري خلف الكواليس وفي القنوات الدبلوماسية. اذ ان التحركات العسكرية التي شهدتها كل من مأرب وشبوة والمخا، ثم حضرموت وسقطرى، تشي بأن الكباش العسكري بين الميليشيات في المحافظات الجنوبية، لا ينال، على الأقل، الدعم المباشر من السعودية التي تعرقل المفاوضات من جهة، ولا تتورط بمواجهة مع قوات صنعاء، من جهة أخرى.
وعلى ضوء المستجدات الأخيرة التي وردت فيما يتعلق بالمفاوضات الجارية بين الوفدين اليمني والسعودي والذي أبدى فيها الأخير نوعاً من المرونة، بعد تيقنه من أن لا حل عسكري قد يحسم المعركة بعد 8 سنوات من الحرب، ولا مصير للعرقلة المستمرة لجهود وقف إطلاق النار، إلا فرضها بالقوة عبر ادخال باب المندب وممرات الملاحة الدولية إلى بنك الأهداف، يبرز تصريح المتحدث باسم الجيش التابع لحكومة عدن والمدعومة من الرياض، عبده مجلي. اذ ان زعمه بأن صنعاء قد قامت بتجربة “لإطلاق صاروخ مضاد للسفن، أطلق من صنعاء وسقط غرب الحديدة”، يأتي ضمن إطار معرفته الأكيدة بأن القوات المسلحة تمتلك فعلاً هذا النوع من الصواريخ، بعد ان كانت الآلة السعودية قد شككت بالعروض العسكرية الاخيرة التي أقيمت في الحديدة وميدان السبعين. كما انه اعتراف بأن صنعاء جادة في تهديداتها وهي قد تقدم على الاستهداف الفعلي للنقاط التي تراها مناسبة في “أي نقطة في البحر من أي نقطة في اليمن”، وفق ما صرحه سابقاً، رئيس المجلس السياسي في صنعاء، المشير مهدي المشاط.
تركت الزيارة الاخيرة للمبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ، الذي تعمد خلالها افشال المفاوضات الحاصلة بين صنعاء والرياض، ثم ما شهدته جزيرتا سقطرى وميون من تحركات بريطانية- أميركية، عدداً من التساؤلات التي تتعلق بحجم التوترات الحاصلة بين كل من الولايات المتحدة والرياض، منذ وصول الرئيس الأميركي، جو بايدن إلى البيت الأبيض، وما اختتمته السعودية في منظمة “أوبك بلس” التي خفضت خلالها معدل انتاج النفط، في ذروة الحاجة الأميركية لزيادة الإنتاج.
وعلى ما يبدو ان تضارب المصالح بين ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي انهكته حرب اليمن ويسعى لإنهائها، وبين الإدارة الأميركية، التي تجد مصالحها باستمرار الحرب، ولو بشكلها الحالي، بدا ينعكس على المشهد. وبالتالي، فقد تشهد المرحلة المقبلة مزيداً من الاخبار التي تضج بها وسائل الاعلام تكون بمثابة رسائل متبادلة بين الطرفين. اما بالنسبة لصنعاء، وبمعزل عن مدى صحة الانباء الواردة عن التجربة الصاروخية في الحديدة، إلا ان ما يمكن التأكيد عليه، انها عندما ستقدم فعلاً على عملية عسكرية، لن تحتمل نتائجها الشك ولن تترك أثارها مجالاً للتأويل، خاصة اذا ما كانت بعمق باب المندب.
بقلم: مريم السبلاني
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال