الحروب والخلافات والمقاطعات السياسية والاقتصادية وغيرها هو أمر يحدث بشكل مستمر منذ بدء تشكل النظام السياسي العالمي، وكانت تبنى على تلك الأحداث المواقف وتنهال التصريحات وتُتَخذ اجراءات منها ما يساعد ومنها ما يعرقل سير الأمور من قبل الدول بما يتوافق ويتناسب مع مصالحها السياسية والاقتصادية.
في خضم الأحداث المشتعلة في مختلف انحاء العالم بشكل عام وفي المنطقة العربية بشكل خاص استطاعت سلطنة عمان أن ترسم خطا سياسيا ودبلوماسيا ينسجم مع جميع الاتجاهات مع الحفاظ على مبادئ ثابتة حيث نجحت على مدى العقود الماضية في أن تحافظ على حيادها رغم وجودها في منطقة متوترة حافلة بالصراعات والخلافات، وأبقت على خطوطها مفتوحة مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية، وهو ما ثبت قدرتها على التواصل مع جميع الاطراف المختلفة والمشاركة في ايجاد الحلول الناجعة دون أن تنحاز لطرف دون الاخر ومن غير أن تقحم نفسها في أي صراع أو نزاع.
في جميع القضايا العربية كان لسلطنة عمان دور ايجابي واضح ومواقف ثابتة لم تحد عنها سيما ما يتعلق بالقضية الفلسطينية حيث تعمل السلطنة دون كلل على تقديم المساعدات الإنسانية ودعم جهود السلام، مع التأكيد المستمر على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة وسلمية.
حيث أكدت سلطنة عُمان على أن إنهاء الصراع في منطقة الشرق الأوسط لن يتأتى إلا بإقامة الدولة الفلسطينية، ومنحها العضوية الكاملة غير المنقوصة في هيئة الأمم المتحدة، وهو ضرورة استراتيجية تطلبها المرحلة القادمة، ومطلب عالميٌّ مدعوم من الأسرة الدولية.
جاء ذلك في كلمة ألقاها المستشار السيد أحمد بن حمود البوسعيدي عضو وفد سلطنة عُمان الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة المستأنفة للجمعية.
ودعت سلطنة عُمان مجلس الأمن إلى إعادة النظر في مسألة منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وأن رفض مثل هذا الطلب لا يخدم الأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط والعالم، ويؤثر سلبًا على مصداقية مجلس الأمن في ضوء المعايير المزدوجة حينما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية.
كما أن عُمان استطاعت أن تحافظ على علاقات قوية مع دول الخليج الفارسي، دون أن تفرط بعلاقاتها مع بقية الجيران في اليمن وإيران وغيرها من الدول العربية، مشيرة إلى أن الدول التي تنطلق من مرتكزات ثابتة وراسخة لا تخشى من علاقاتها الخارجية مع أي كيان سياسي، وهذا ما كانت عليه سلطنة عمان وما زالت، فثبات مبادئها وترجمتها واقعا عمليا جعل الدول الإقليمية والدولية تفهم وتحترم هذه الخصوصية للقرار السياسي العماني، وبالتالي لا قلق من أي تأثير لأي علاقات خاصة لسلطنة عمان مع الدول الإقليمية أو الدولية على حد سواء.
وفيما يتعلق بالأزمة السورية قامت سلطنة عُمان بدور كبير في تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين وتشجيع الحوار بين الأطراف المختلفة للوصول إلى حل سلمي.
وما يؤكد اتزان سياسة سلطنة عمان تصريح للسيد علي نجفي سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية المعتمد لدى سلطنة عُمان: إن سياسة سلطنة عُمان الخارجية متّزنة على مستوى العالم بحكم العلاقات المتميزة والراسخة والمتجذرة بين البلدين؛ فقد قامت بدور كبير في المفاوضات المتعلقة بالاتفاق النووي الإيراني ٥ + ١ وانتهت بالتوقيع عليه، وكانت إيران ترغب في الانتفاع بهذا الاتفاق وملتزمة بمواده غير أن الدول الغربية انسحبت منه، ورغم ذلك لم تتخل عن طاولة المفاوضات بل عادت مجدّدًا إليها، وكانت سلطنة عُمان وما زالت تسعى مع الجانب الآخر للعودة إلى المفاوضات.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو جوتيريش، قد أوضح في أكتوبر 2021 خلال الاحتفال بمرور 50 عاماً على انضمام سلطنة عُمان إلى المنظمة الدولية، أن عُمان تحتل مكانة مميزة على ساحة العالم كوسيط موثوق، وصانع سلام، وباني جسور لتعزيز الاستقرار الإقليمي، وقد نالت امتنان وتقدير المجتمع الدولي، وفي نفس الوقت هنأ عُمان على انتخابها للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة للفترة من 2022 إلى 2024.
واستطاعت الحفاظ على علاقات متميزة مع جميع الأطراف ولكن دون أن تتخلى عن مبادئها السياسية وأن تقف في صف أصحاب الحق، رافعة شعار السلام والحوار ونبذ العنف وعدم التدخل في شؤون الدول، واتباع القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة متبعة استراتيجية قائمة على الحفاظ على علاقات دبلوماسية مع غالبية دول العالم، ولم تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع أي بلد في العالم، وهذا يندرج في إطار الأعراف والشخصية الوطنية العُمانية التي تركز على الحاجة إلى الحفاظ على حوار سليم وعلاقات دبلوماسية مع جميع دول العالم.
يقوم الفكر السياسي في سلطنة عمان على عدد من الثوابت التي انتهجتها السياسة الخارجية العمانية منذ بداية السبعينات والتي من أهمها الرغبة في تأكيد سياسات السلام والاستقرار والتنمية، والتركيز على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية مثال ذلك موقفها في العراق أو فلسطين أو لبنان أو السودان والموقف مع سوريا، ورفض نزعات الهيمنة ودعوى بسط النفوذ واللجوء إلى الوسائل السلمية والدبلوماسية.
وتحرص سلطنة عُمان على إقامة شراكات دبلوماسية وسياسية واقتصادية مع غالبية دول العالم على أساس مبادئ الاحترام المتبادل، وتبادل المصالح المشتركة، ويمثل السلطنة بعثات دبلوماسية في أغلب دول العالم، وتستضيف على أراضيها العشرات من مقرات قنصليات وسفارات مختلف دول العالم، فضلاً عن مقرات بعض الهيئات الدولية والإقليمية.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال