مقاطعة منتجات الاحتلال الصهيوني.. كابوس الأيام القادمة 1063

مقاطعة منتجات الاحتلال الصهيوني.. كابوس الأيام القادمة

منذ أن شن كيان الاحتلال عدوانه الإجرامي على قطاع غزة في 7 أكتوبر، انتفضت الشعوب في مختلف أنحاء العالم ضدّ المجازر التي تُرتكب في قطاع غزة من خلال تنظيم الاحتجاجات المناهضة للاحتلال، وإطلاق دعوات متتالية لمقاطعة الكيان ومنتجاته.

ولا تملك الشعوب الإمكانيات الملزمة التي تستطيع من خلالها دفع كيان الاحتلال لإيقاف حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، لكن تلك الشعوب تستطيع الدفع بحكوماتها نحو اتخاذ خطوات أكثر تأثيراً، وفاعلية في هذا السياق، إضافة إلى قيامها بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية والشركات التي تدعم الاحتلال، فهي من وجهة المقاطعين سلاح له أثر كبير ولا سيما مع انعكاسات مثل تلك الآليات على الاقتصاد.

اقتصاد كيان الاحتلال
انكمش اقتصاد كيان الاحتلال بنسبة 19.4% على أساس سنوي في الربع الرابع من العام الماضي، متضررا من الحرب التي يشنها على قطاع غزة. وفق تقديرات أولية لمكتب الإحصاءات الإسرائيلي المركزي، وذلك الانكماش جاء مدفوعا بتدهور القطاعات كافة، مع تراجع مستوى الاستثمار فيه بنسبة 70%، وبالتالي، تباطأ النمو الاقتصادي للكيان إلى 2% لعام 2023 بأكمله مقارنة مع 6.5% عام 2022.

ومن ناحية أخرى خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني لإسرائيل إلى "إيه 2" (A2) من "إيه 1" (A1) مع نظرة مستقبلية سلبية، وهو أول خفض في تاريخ كيان الاحتلال، وقد بررت هذا التخفيض بأنه بسبب الحرب التي تشنها على القطاع وتداعياتها، وتوقعت الوكالة ارتفاع أعباء الدين في الكيان عن توقعات ما قبل الحرب على غزة.

استطاع كيان الاحتلال زيادة صادراته الخارجية خلال السنوات الماضية، إذ بلغت قيمة تلك الصادرات ما يزيد على 160 مليار دولار في العام الماضي 2022، مقابل 144 مليار دولار في 2021، وذلك بدعم من صادرات التكنولوجيا الفائقة والتقنيات المتطورة والحديثة مثل البرمجة والبحث والتطوير، والتي شكلت صادراتها ما يزيد على 48% من إجمالي الصادرات الكلية، وبما يعادل أكثر من 70 مليار دولار.

ورفعت صادرات الأسلحة وأنظمة الدفاع الإسرائيلية مستوى وقيمة صادرات كيان الاحتلال، إذ تجاوزت قيمتها 12.5 مليار دولار في العام 2022.

أهمية المقاطعة
تأتي أهمية المقاطعة من جانبين اثنين: الأول هو الضغط على الشركات الإسرائيلية، والثاني هو الضغط على الحكومات المحلية.

إن ارتفاع قيمة الصادرات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة أفادت بقوة الاقتصاد الإسرائيلي على عدة مستويات كالحد من البطالة، وتوفير فرص عمل ضخمة لآلاف الشباب والباحثين عن فرصة عمل خاصة في قطاع الخدمات والتقنية، ودعم احتياطي النقد الأجنبي لدى بنك إسرائيل المركزي، والذي تجاوزت قيمته 200 مليار دولار قبل بداية الحرب على غزة، وزيادة معدل النمو الاقتصادي، وتقوية العملة المحلية الشيكل مقابل الدولار، وتنشيط بورصة تل أبيب.

وتلقت تلك الصادرات ضربة كبرى منذ اندلاع الحرب على غزة يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إذ باتت مهددة، وأصيب المنتجون وسلاسل التصدير بصدمة، وأصبحت الأسواق بحالة ارتباك شديدة مع تراجع في الإنتاج والشحن وظهور السوق السوداء، وتراجع في أنشطة الموانئ والمطارات مع استهدافها من قبل المقاومة الفلسطينية.

فالتهديد الذي تعرضت له تلك الصادرات بسبب استهدافات المقاومة، جاء أيضا بسبب تشوه صورة إسرائيل في الخارج، لارتكابها جرائم حرب بحق الفلسطينيين العزل وقتل آلاف الأطفال والنساء، وتعامل قطاع كبير من الرأي العام العالمي معها على أنها دولة عنصرية، وهو الذي بدأ يؤثر سلبا على انتشار السلع والمنتجات الإسرائيلية في الأسواق العالمية، وخصوصا الأوروبية.

فقد شهدت العديد من الدول مثل بريطانيا وألمانيا وإيطاليا مظاهرات ضخمة تنديدا بالحرب على غزة ودعما للقضية الفلسطينية، وانتشرت فيها دعوات للمقاطعة، إذ إن أوروبا هي أكبر شريك تجاري لإسرائيل بحصة 38%، تليها الأميركتان 35%، ثم آسيا 24%.

فالمقاطعة أثبتت جدواها فيما مضى وفقًا لتقرير أعدته مؤسسة "راند كوربوريشن" الأميركية عام 2015، تسببت المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل ما بين 2013 و2014 في خسارة تراكمية تقدر بحوالي 15 مليار دولار. وهذا أدى إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للفرد في إسرائيل بنسبة 3.4%.

لكن المقاطعة الحالية أكثر انتشارا من حملات المقاطعات السابقة، وأكبر وأكبر أثراً، وستتسبب بأضرار اقتصادية أكبر بكثير لكيان الاحتلال، فعندما لا يتم إدخال الدولارات إلى الميزانية الإسرائيلية، لن تتمكن من شراء الأسلحة والذخيرة.

وقد أدرك الكثير من المختصين في الداخل الإسرائيلي خطورة هذه الخطوة، وهو ما دفع مجموعة من 300 اقتصادي إسرائيلي لإرسال رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، أشارت إلى خطورة الوضع قائلة: "أنتم لا تفهمون حجم الأزمة الاقتصادية التي يواجهها الاقتصاد الإسرائيلي".

ويتوقع هؤلاء الاقتصاديون أن تتجاوز المقاطعة مجرد امتناع الناس عن شراء بعض السلع، فالأمور ستتطور إلى مرحلة ثانية وهي الأهم بإنتاج بدائل لمنتجات الشركات الإسرائيلية، والقضاء على التبعية الإسرائيلية في جميع القطاعات، بما في ذلك الاقتصاد والمالية، فكلما زاد عدد المنتجات الوطنية المماثلة، زاد الضرر الذي سيلحق بالهيمنة العالمية لرأس المال اليهودي، وهذا هو الكابوس الذي يطارد الاقتصاديين الإسرائيليين.

فما على الشعوب إلا أن تقوم بدورها انطلاقا من واجبها الأخلاقي والإنساني، في محاولة لمساعدة الفلسطينيين بكل السبل الممكنة.

مجد عيسى



المصادر:

1- https://short-url.uk/yKAE
2- https://short-url.uk/ArLr
3-https://short-url.uk/ArLZ
4- https://short-url.uk/yKCN
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال