مكانة إيران في النظام العالمي الجديد 64

مكانة إيران في النظام العالمي الجديد

يمر العالم بفترة من الفوضى وينتقل منها إلى نظام دولي جديد، وفي عصر يتم فيه تحدي الأنظمة الدولية التي كانت سارية المفعول لفترة من الزمن وتعاقب المراتب الجيوسياسية للنظام السابق هو إرث من الحرب الباردة ومابعدها فقد تم تعطيل نتائج تلك الحرب وتداعياتها بفعل قوى جديدة مثل الثورة الإسلامية الإيرانية، وهناك ظاهرة آخذة في النمو في الغرب هدفها عكس المفاهيم والوقائع بتوجيه من الحكومات الغربية ووسائل إعلامها الشاملة.

في مرحلة تكون فيها بعض الدول والقوى الصغرى، والتي ليس من متوقع أن تكون قادرة في بعض الأحيان على لعب أدوار أكثر فاعلية في منطقتها أو في العالم، فإنها تتخذ إجراءات فعالة وتفاجئ بها باقي الدول، في الوقت الذي نرى فيه القوى الكبرى المتوقع بأنها تفعل ماتريد، تمتنع باستمرارعن لعب دور خلاق في تلك المجالات، وهذه علامات على ظاهرة جديدة في النظام العالمي الجديد.

يجب تحليل الحرب في أوكرانيا من عدة زوايا؛ إحدى هذه الزوايا هي اختلاف القوة في عالم الإعلام والواقع الحقيقي العالمي. في هذه الحرب اتضح أن الناتو ليس هو القوة التي تذكر في الدعاية، إن الناتو يظهر ككتلة ذات تضامن كبير جدًا من خلال عدسة عالم الدعاية، لكن في الواقع أظهرت هذه الحرب أنه ليس كذلك. ولدى أعضاء الناتو العديد من الانقسامات والتناقضات وفي هذه المرحلة، أصبحت هذه المسألة واضحة جدا وجلية للجميع[1]. عمليًا تسعى أمريكا إلى كبح جماح القوى الأوروبية الآسيوية (الصين وروسيا وإيران) وتميل إنجلترا أيضًا نحو أمريكا، ولكن من ناحية أخرى تحتاج الدول الأوروبية إلى الطاقة الروسية وتراعي مصالحها الاقتصادية فيما يتعلق بالصين وروسيا وإيران، وهو ما يعني تضارب المصالح الذي ظهر في قرارات الناتو في الحرب الأخيرة وهزم الهيمنة الإعلامية حول هذه المنظمة. أوضح ظهورهذا النزاع حقية أن الناتو ليس الملجأ المناسب لدعم حلفائه ويجب على دول العالم أن تعي ذلك. صحيح أنه في الوقت الحالي أصبحت الإجراءات الاستراتيجية لبلدنا أكثر وضوحًا في المنطقة والعالم، ويمكن رؤية تأثير اجراءات الحكومة الثورية بوضوح في فترة زمنية قصيرة.[2]، كما أنها قررت الاستمرار في تلك الإجراءات العملية لإبراز دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنطقة وهو ما يعد من العلامات الواضحة لدخول عصر النظام العالمي الجديد، والأمثلة على هذا التأثير وتعزيز مكانة بلادنا جلية وواضحة. وكذلك نشهد في فترة قصيرة من الزمن ومنذ تولي الحكومة الثالثة عشر زمام الحكم تطورا ملخوظا في الوضع الإقليمي والخارجي لبلدنا، وذلك بزيادة عدد الرحلات التي يقوم بها كبار المسؤولين في دول المنطقة و إيران وتعزيز التعاون في مختلف المجالات، لا سيما في الصناعات العسكرية والفضائية، بما في ذلك إطلاق القمر الصناعي “الخيام ” بالتعاون المشترك مع روسيا من محطة بايكونور الفضائية في كازاخستان بواسطة القمر الصناعي الروسي سويوز إلى الفضاء.[3] وإطلاق خط إنتاج الطائرات الإيرانية بدون طيار في طاجيكستان و التعاون التكنولوجي في صناعات النفط والغاز مع تركمانستان وبعض الدول الأخرى في المنطقة هو دليل على هذا التطور وتوجهات سياسات بلادنا الإستراتيجية واهتمام إيران بالمنطقة وكذلك بآسيا الوسطى وحلفائها التقليديين، مع التعامل الذكي مع العالم و وتحقيق سياسة خارجية متوازنة[4] ، يدل فعليًا على استمرارية السياسات الصحيحة ومبدأ ” لا شرق ولا غرب “وهو ما أكده مرارًا وتكرارًا المرشد الأعلى الثورة الإسلامية ويعتبر النافذة الأساسية لبلدنا لدخول ضمن النظام العالمي الجديد. وايضا بنفس وجهة النظر التي أدت إلى التحالف مع روسيا والصين، ولتنفيذ أهدافهما المشتركة، قاما بتعاون استراتيجي من غرب آسيا إلى أمريكا اللاتينية.

وفي هذا الصدد أشارت لورا بالمان ضابطة العمليات السابقة في سيادار في مقابلة مع شبكة “نيوز نيشن” الأمريكية ، إلى التحالف الاستراتيجي لثلاث دول قوية في العالم ، وقالت: “لا شك في أن هناك استراتيجية متبعة للتحالف بين روسيا والصين وإيران والتي لن يكون الهدف منها سوى التغلب على المصالح التقليدية للولايات المتحدة. في الوقت الذي تكون فيه الولايات المتحدة متورطة في التفكك الداخلي للأحزاب الداخلية فيها ستكون هذه الدول الثلاث أعداء عسكريين واستخباراتيين أقوياء للولايات المتحدة”[5]. تستطيع إيران كقوة إقليمية ذات تاريخ وقيم إسلامية عريقة، من خلال الاستمرار في اتخاذ رؤية شاملة وسياسات مدروسة في مختلف المجالات وخاصة في الاقتصاد والتجارة الدولية، والتي أطلقها المرشد الأعلى مرارًا وتكرارًا لرسم خارطة الطريق المطلوبة، ويمكن لإيران أن تلعب دورها التاريخي بشكل جيد في هذه الفترة الانتقالية حيث قال المرشد الأعلى للثورة الاسلامية عام 2014م : “إن النظر إلى الوضع السياسي في العالم والمنطقة يظهر أننا في نقطة حساسة وهذا يعني حرفيا نقطة تحول تاريخية.[6]» واليوم وصل هذا المنعطف التاريخي إلى نقطته الحاسمة والحساسة. لم تعد إيران لاعباً عادياً في منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل هي أحد العوامل التي تشكل النظام الجديد. ما فعله الشهيد سليماني في المنطقة خلال العقدين الماضيين وبتقييد المخططات الأمريكية الصهيونية، أسس نظامًا جديدًا في المنطقة، هو مثال واضح ومرئي على لعب الأدوار، وهذا ما يؤسس نظامًا عالميًا جديدًا في المنطقة وفقا لخطاب الثورة الإسلامية الإيرانية. وتظهر مراقبة المواقف وآراء قائد الثورة أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية واعية ومتيقظة لهذا التغيير التاريخي على أعلى المستويات.

ومع كل ماسبق ذكره فإن السؤال المهم هو؛ إلى أي مدى تطورنا ​​في بناء مكانتنا والحفاظ عليها في النظام العالمي الجديد؟ في هذه المرحلة يمكننا أن نقول بثقة أنه ضمن مفترق التحول الحاسم للنظام العالمي الجديد فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تقف جنبًا إلى جنب مع القوى الفاعلة والمؤثرة في العالم الجديد، خاصة في مايخص تطورات العالم الإسلامي واعتدالها بسبب أسسها الأخلاقية ومبادئها النبيلة وقوتها المتزايدة باستمرار ضد الظلم والاستعمار.

 [1] https://shahrvand-newspaper.ir/news%3Anomobile/main/209149

[2] https://www.iribnews.ir/00Ekvz

[3] https://www.isna.ir/news/1401051210041/

[4] https://www.president.ir/fa/130310

[5] https://www.newsnationnow.com/video/should-us-be-worried-about-russia-china-and-iran-banfield/7883211/

[6] https://farsi.khamenei.ir/speech-content?id=26908

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال