من دعائهم للمطر إلى سلب مياه الجولان، الكيان الإسرائيلي يواجه أسوأ جفاف في القرن 350

من دعائهم للمطر إلى سلب مياه الجولان، الكيان الإسرائيلي يواجه أسوأ جفاف في القرن

اعتاد النظام الصهيوني بحكم طبيعته العدوانية والاستغلالية على الاستيلاء على أراضي وموارد جيرانه، ومن البديهي في ظل الجفاف الشديد الحاصل في المنطقة سيزداد هذا السلوك الاستغلالي والتعدي على ثروات الدول المجاورة. ففي منتصف شهر آب من هذا العام أفادت وكالة "فين نيوز" الإسرائيلية أن درجات الحرارة في إسرائيل تزداد شدة عامًا بعد عام وأن موارد المياه في شمال الأراضي المحتلة آخذة في التناقص وقد أطلقت سلطة المياه تحذيرًا واضحًا أن هذا جفاف شديد للغاية.


حذّر هيزي ليبشيتز رئيس سلطة المياه الإسرائيلية على موقع "يديعوت أحرونوت" قائلًا: " تعتقد هذه السلطة أننا حاليًا في عام الجفاف - عام لم نشهد مثله في المئة عام الماضية، وأقول هذا استنادًا إلى بيانات دقيقة ومدروسة. موارد المياه في الشمال شحيحة جداً ونهر بانياس شبه جاف. في نهاية المطاف، الجهة المسؤولة عن الإعلان الرسمي عن الجفاف اقتصاديًا وزراعيًا هي وزارة المالية". [1]


تشهد الأراضي المحتلة واحدة من أشد موجات الجفاف منذ قرن، وقد شكّلت هذه الأزمة الدافع الرئيسي للسيطرة على موارد المياه والوصول إليها خارج الحدود الرسمية. بلغت أزمة المياه الصهيونية حدًا خطيرًا لدرجة أن مصادر المياه الرئيسية للكيان، مثل بحيرة طبريا ونهر بانياس قد وصلت إلى أدنى مستوياتها التاريخية، مما ألحق أضرارًا بالغة بالقطاع الزراعي في المناطق الشمالية. وقد بلغ الوضع حدًا خطيرًا لدرجة أن وسائل إعلام النظام نشرت في 30 تشرين الأول تقريرًا عن "صلاة استسقاء" قادها شموئيل إلياهو زعيم الكابالايين في صفد وآلاف اليهود الآخرين على ضفاف بحيرة طبريا. وزعم المصلون أن أوقات الصلاة الجماعية السابقة (في عامي 2003 و2019) أدت إلى فصول شتاء شديدة الأمطار في الأراضي المحتلة.[2]


وأوضح ليبشيتز مسؤول سلطة المياه في النظام الصهيوني:

"حطم الشتاء الماضي جميع الأرقام القياسية ولم يرتفع منسوب بحيرة طبريا إطلاقًا وهذا أمر غير مسبوق". تستهلك الزراعة الإسرائيلية حوالي 1.2 مليار متر مكعب من المياه سنويًا من مياه عذبة ومياه مُعاد تدويرها (معالجة) ومياه مالحة.

يمتلك النظام الإسرائيلي حاليًا محطات تحلية مياه في الخضيرة وعسقلان وأشدود، ومجمعين في سوريك ومحطة واحدة في بالماخيم على أرض خاصة. لكن هذه المحطات نفسها تُشكل مشكلة جديدة وتستهلك كل محطة تحلية حوالي نصف بالمائة من إجمالي استهلاك إسرائيل من الكهرباء وهو رقمٌ ضخم جداً.[3]


بما أن النظام الصهيوني دأب تاريخياً على الاستيلاء على أراضي وموارد جيرانه نظرًا لطبيعته الاستغلالية والمغتصبة فمن الطبيعي في ظل ظروف الجفاف الحاصلة أن يتبع أسلوبه الاستغلالي. في ذات السياق استغل النظام وصول حكومة ضعيفة إلى السلطة في سورية لكي يغزو جنوب البلاد ومن أهم أسباب ذلك سيطرته على موارد المياه السورية.


وجود النظام الصهيوني وسيطرته في جنوب سورية

يمكن تحليل تواجد النظام في جنوب سورية من خلال قسمين تاريخي ومعاصر:

احتلال طويل الأمد لمرتفعات الجولان؛ لقد احتل الصهاينة مرتفعات الجولان السورية منذ عام ١٩٦٧ وتتمتع هذه المنطقة بطبيعتها بموارد مائية غنية واستراتيجية. والآن مستغلًا ظروف الحرب الأهلية السورية وضعف الحكومة المركزية وسّع النظام نفوذه ووجوده في المحافظات الجنوبية من سورية (مثل درعا والقنيطرة). ولا يقتصر هذا الوجود على الجانب العسكري فحسب بل يرافقه أيضًا توسع لنفوذ اقتصادي وسيطرة على بنى تحتية حيوية.

ووفقًا لتقارير متعددة يسيطر الصهاينة على العديد من السدود ومصادر المياه المهمة في جنوب سورية. وتُمارس هذه السيطرة بشكل مباشر (عسكري) وغير مباشر من خلال المفاوضات مع الجماعات الحالية في السلطة .


السدود ومصادر المياه الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في جنوب سورية

سد المنطرة: أكبر سد في جنوب سورية وقد أفادت التقارير أن القوات الإسرائيلية سيطرت على السد في كانون الثاني 2025.

سد الوحدة: يقع هذا السد في حوض نهر اليرموك. ستتيح السيطرة عليه للنظام السيطرة على حوالي 40% من الموارد المائية المشتركة بين سوريا والأردن.

سلسلة من السدود على نهر الرقاد (بما في ذلك غدير البستان، وجسر الرقاد، وشبرق، وسحيم الجولان، وعبيدين): تقع هذه المصادر المائية المهمة في محيط الجولان المحتل وتشير التقارير إلى أن العمليات الإسرائيلية تركز عليها بشكل كبير.[4]

ينابيع الجبال والمياه الجوفية: تشير التقارير إلى أن إسرائيل تُحوّل المياه الجوفية نحو أراضيها من خلال الحفر عموديًا وأفقيًا في منطقة جبل الشيخ.


عواقب كارثية على جنوب سورية

أثّرت سيطرة جيش الاحتلال على موارد المياه، إلى جانب الجفاف الطبيعي، سلبًا على حياة واقتصادات سكان جنوب سورية، تواجه المنطقة الجنوبية من سورية التي كانت تُعتبر في السابق "سلة خبز" البلاد، أزمة زراعية خانقة، فقد أدى انخفاض هطول الأمطار وانخفاض منسوب المياه الجوفية إلى قلة المحاصيل وسبل عيش آلاف الأسر الريفية.[5]


بالتوازي مع السيطرة على المياه يُنشئ النظام اقتصادًا تابعًا من خلال إرسال شحنات القمح والوقود إلى المناطق الحدودية السورية. ويُعد هذا الإجراء وسيلةً لترسيخ نفوذه واكتساب الشرعية بين السكان المحليين.


من ناحية أخرى أدى نقص مياه الشرب والمياه المخصصة للأغراض الصحية إلى تفاقم الظروف المعيشية لسكان هذه المناطق وزاد من حدة موجة النزوح الداخلي.[6]


الخلاصة

في ظل أزمة مياه داخلية غير مسبوقة اتجه النظام الصهيوني نحو التنمية والسيطرة غير المشروطة على موارد المياه الاستراتيجية في جنوب سورية لضمان أمنه المائي. يستغلّ هذا النظام فراغ السلطة الناجم عن الحرب الأهلية السورية، من خلال مزيج من القوة العسكرية والسيطرة الاقتصادية والتكنولوجيا. والنتيجة هي تفاقم الكارثة الإنسانية والبيئية على السوريين وإيجاد هيكلية جديدة من التبعية في المناطق الحد




[1] https://www.ynetnews.com/health_science/article/bkoeuyndxl

[2] https://www.ynetnews.com/jewish-world/article/s1wu0fekwe

[3] https://www.timesofisrael.com/facing-drought-israel-to-direct-desalinated-water-to-sea-of-galilee-in-world-first/

[4] https://www.irna.ir/news/85967421

[5] /https://www.palestinechronicle.com/the-disintegration-of-syrias-government-and-israels-insidious-plot

[6] /https://www.nextcenturyfoundation.org/occupied-waters

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال