موقع بريطاني: أبرز أهداف نتنياهو إسقاط قضية فلسطين من أجندة العالم 41

موقع بريطاني: أبرز أهداف نتنياهو إسقاط قضية فلسطين من أجندة العالم

قال الكاتب الإسرائيلي، مارون رابوبورت، إن إسقاط القضية الفلسطينية، من الأجندة العامة في إسرائيل، بل على المستوى العالمي، بات واحدا من أبرز أهداف رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو، بعد فوز ائتلافه في انتخابات الكنيست الأخيرة.

وأوضح الكاتب في مقال له على موقع ميدل إيست آي البريطاني، أن الشيء الوحيد الذي بات واضحا الآن، هو أن فوز زعيمي القائمة الصهيونية الدينية المتطرفة والعنصرية، بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، يعني أن الصراع مع الفلسطينيين، ليس مجرد عامل مهم، بل هو العامل الأهم.

وفي ما يأتي النص الكامل للمقال:

قبل ما يقرب من أسبوعين من إجراء الانتخابات الأخيرة في “إسرائيل”، حدد بنيامين نتنياهو رؤيته لمستقبل “إسرائيل” وذلك في مقال كتبه ونشرته له صحيفة هآرتس. وفي المقال كتب يقول: “خلال السنين الخمس والعشرين الماضية كان يقال لنا إن السلام مع العرب لن يتحقق إلا بعد أن نحل الصراع مع الفلسطينيين”. إلا أنه كان على يقين بأن “السلام لا يمر عبر رام الله وإنما يلتف حولها ويتجاوزها”.

وادعى في مقال هآرتس، أن الأحداث أثبتت صحة موقفه. فقد وقع اتفاقيات تطبيع مع أربعة بلدان عربية وهو يعد بإبرام صفقات مع بلدان أخرى. بمعنى آخر، أنه لا يقتصر الأمر على إمكان أن تحقق “إسرائيل” الازدهار بدون حل صراعها مع الفلسطينيين، بل، وكما يقول لنا، إن السبيل نحو الازدهار هو تجاهل الفلسطينيين، فهم ليسوا مهمين.

مرت ثلاثة أسابيع أخرى منذ انتخابات الأول من تشرين الأول/ نوفمبر والتي تمكنت فيها كتلة يقودها نتنياهو ومكونة من أحزاب التيار اليميني من الفوز بما يبدو أنه أغلبية مريحة تتكون من أربعة وستين مقعداً في البرلمان الإسرائيلي، الكنيست. ولكن حتى الآن مازال من غير المؤكد ما الذي ستكون عليه بالضبط تشكيلة الحكومة القادمة ومن الذي سيحتل المناصب الحساسة فيها مثل الدفاع والمال والشؤون الخارجية.

إلا أن شيئاً واحداً بات جلياً، ألا وهو أنه بالنسبة لشركاء نتنياهو المتوقعين، وبالذات بالنسبة لكل من بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، زعيمي قائمة الصهيونية الدينية العنصرية والقومية التي فازت بأربعة عشر مقعداً في الانتخابات، فإن صراع “إسرائيل” مع الفلسطينيين ليس مجرد عامل مهم، بل هو العامل المهم الوحيد.

لقد أثبت نتنياهو بشكل واضح لا ريب فيه أن إسقاط المسألة الفلسطينية من الأجندة العامة في “إسرائيل”، وعلى المستوى العالمي، لم ينفك عن كونه واحداً من أبرز أهدافه، وخاصة منذ عودته إلى السلطة في عام 2009.

ولقد سعى إلى تحقيق هدفه من خلال ثلاث مقاربات. أما الأولى فتمثلت في محو حدود الـ1948 (التي تعرف باسم الخط الأخضر) من وعي الأغلبية العظمى من اليهود في “إسرائيل”، وذلك من خلال توسيع المستوطنات، وعملياً من خلال ضم مساحات واسعة من منطقة جيم داخل الضفة الغربية.

وأما المقاربة الثانية فتمثلت في الزعم بأنه “لا يوجد شريك للسلام” في الجانب الفلسطيني، فراح يتجاهل بشكل تام تقريباً القيادة الفلسطينية ومطالباتها بإنهاء الاحتلال.

وأما المقاربة الثالثة والأخيرة فتمثلت في إضفاء نوع من الاعتدال على استخدام القوة العسكرية الإسرائيلية انطلاقاً من النظرية التي تقول إن تقليص العنف المستخدم في الصراع يفضي إلى تراجع الاهتمام به داخل “إسرائيل” وفي الشرق الأوسط وكذلك حول العالم.

ولقد نجحت هذه المقاربات إلى حد كبير، فمعظم اليهود اليوم لا يعلمون أي يوجد الخط الأخضر، وغدا مصطلح “الاحتلال” كلمة قذرة لا يكاد يذكرها أحد في وسائل إعلام التيار العام. وتكرس الزعم بأنه “لا يوجد من يمكن التحدث معه” في الجانب الفلسطيني حتى أصبح من الأمور التي يكاد يكون عليها إجماع ليس فقط في دوائر اليمين والوسط داخل إسرائيل، بل وكذلك في أوساط اليسار المعتدل أيضاً.

فيما عدا الحرب الفتاكة التي دارت رحاها في غزة في عام 2014، نجم عن تجنب خوض عمليات عسكرية شاملة انخفاض أعداد الإسرائيليين الذين يقتلون بسبب الصراع إلى ما يزيد قليلاً عن عشرة في العام الواحد، وبذلك تلاشى تماماً تقريباً النقاش حول ما كان يسمى “تكلفة الاحتلال”.

الضم المتسلل لواذا

ما اقترحه نتنياهو من أمر واقع ليس بالطبع في حقيقته أمراً واقعاً، مع استمرار ضم الأراضي الفلسطينية، الذي يتسلل لواذاً، ومع استمرار نظام الفصل العنصري (الأبارتايد)، والذي غدا بالتدريج حقيقة واقعة على الأرض. إلا أن التمسك بهذا الوضع يبدو مفضلاً لدى الأغلبية العظمى من الإسرائيليين (اليهود) على أي محاولات لتغييره.

جزء من النجاح الذي أحرزه نتنياهو ناجم عن عمليات لا ترتبط مباشرة بنتنياهو نفسه. وذلك أنه عندما أصبح رئيساً للوزراء للمرة الثانية في عام 2009، كانت الانتفاضة قد خمدت. كما أن الشقاق بين حركتي حماس في غزة وفتح في الضفة الغربية أضعف إلى حد كبير الموقف الفلسطيني، وتمكن نتنياهو من استغلال ذلك الضعف.

ومع انطلاق الربيع العربي في عام 2011، وهو الحدث الذي طالما تم التفاخر به، فلم تجد البلدان العربية المجاورة بداً من تكريس جل اهتمامها لشؤونها الداخلية، وبذلك تراجع اهتمامها بالقضية الفلسطينية. ثم جاء الصعود المتنامي للتيار الشعبوي اليميني حول العالم، والذي وصل إلى ذروته بانتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة في عام 2016، ليوفر الجو المناسب لنتنياهو ولسياسة الأبارتايد الزاحف التي انتهجها.

إلا أن شيئاً ما في هذا التوازن الذي روج له نتنياهو انحرف عن السبيل خلال السنوات الأخيرة. وذلك أن اختفاء الصراع مع الفلسطينيين من الأجندة الوطنية في “إسرائيل” حفز الحركة الاستيطانية اليمينية شيئاً فشيئاً على الدفع باتجاه الضم، أو ما يعرف في قاموسهم بمصطلح “تطبيق السيادة”. فالمنطق الاستيطاني يرى أن الفلسطينيين لم يعودوا مصدر تهديد، فلم يعد ثمة ما يسبب الحرج في مضي حركة الاستيطان قدماً في ضم الضفة الغربية، سواء بشكل كلي أو بشكل جزئي. وعلى الرغم من أن نتنياهو أراد في اللحظة الأخيرة النأي بنفسه عن الضم، إلا أن هذا الدفع من قبل اليمين باتجاه تعطيل الوضع القائم لم يتبخر أو يتلاشى.

ثم جاء المنعطف الذي بدا جلياً عنده أن الوضع القائم المزيف الذي أنشأه نتنياهو لم يعد يجدي نفعاً، وكان ذلك في شهر أيار/ مايو من عام 2021. وذلك أن الفلسطينيين الذين سعى نتنياهو إلى إقصائهم عن الخطاب العام داخل “إسرائيل”، ثاروا، وليس فقط داخل القدس الشرقية وفي قاطع غزة، بل وكذلك في ما يسمى بالمدن المختلطة داخل إسرائيل نفسها: في اللد والرملة وفي عكا، وفي غيرها من البلدات.

بدلاً من أن ينحسر ما وراء جبال من الظلام الدامس داخل الضفة الغربية، بدأت رحى الصراع مع الفلسطينيين تدور فجأة أمام عتبات أبواب كثير من اليهود في القلب من البلد.

بعد ذلك مباشرة، اختار اليميني نفتالي بينيت الدخول في تحالف مع الوسطي يائير لابيد لتشكيل حكومة بديلة وترك نتنياهو، للمرة الأولى منذ 12 سنة، في المعارضة. أسباب عديدة دفعت باتجاه ذلك التحرك، ولكن حقيقة أن نتنياهو لم يعد يعتبر قادراً على توفير جواب “للمسألة الفلسطينية” قد تكون هي الأخرى ساهمت في سقوطه.

ما لبث أن قفز ليملأ الفراغ الذي تركه نتنياهو اليمين العنصري بقيادة المستوطن البارز إيتمار بن غفير، زعيم حزب أوتزما يهوديت (القوة اليهودية)، والذي يسكن في مدينة الخليل، ومشهور عنه إعجابه بباروخ غولدستين الذي قتل 29 من المصلين الفلسطينيين داخل المسجد الإبراهيمي في الخليل في عام 1994. وكان بن غفير هو الذي غذى أحداث أيار/ مايو 2021، من حيث أراد أن يثبت أن اليهود في “إسرائيل” يعيشون تحت تهديد “العنف العربي”، والذي لا يمكن مواجهته إلا من خلال تذكير العرب بأن اليهود هم “المالكون” الوحيدون لهذه الأرض. ودعماً لهذا الزعم، أثار بن غفير مخاوف الناس من ارتفاع معدلات الجريمة في مدن “إسرائيل” الجنوبية، ورافق ذلك بالادعاء أن الجرائم ترتكب بشكل رئيسي في الأماكن التي يقيم فيها البدو الفلسطينيون، الذين يعيشون في ظروف من الفقر المدقع ويعانون من التمييز منذ زمن طويل.

الصراع هو الأولوية

بالطبع لم يكن بن غفير هو الذي ابتدع فكرة التفوق العرقي اليهودي، بل ما من شك في أن تلك لم تزل واحدة من الأسس التي قامت عليها الصهيونية منذ بداية عهدها تقريباً. إلا أن إنجاز بن غفير يتمثل في نجاحه في تحويل طموح فكرة التفوق العرقي اليهودي إلى منصة سياسية عريضة، وراح بذلك يتحدى، عن إدراك وقصد أو بدونهما، فرضية نتنياهو أنه من الممكن تجاهل القضية الفلسطينية.

بينما كان نتنياهو يزعم أن المشكلة لم تعد قائمة، أو أنها على الأقل لم تعد تؤثر على حياة الإسرائيليين، فقد جاء بن غفير ليقول إن الصراع الفلسطيني يؤثر على حياة اليهود، طوال الوقت وفي كل مكان، داخل الخط الأخضر وما بعد الخط الأخضر. والحل الذي يطرحه بن غفير لهذه المشكلة هو حل عنيف وعنصري – ألا وهو قتل أو تهجير أي شخص، سواء كان فلسطينياً أو حتى يهودياً، يعارض منظومة التفوق العنصري اليهودي. وبهذا الشكل أعاد الاعتبار لأولوية السؤال المطروح حول العلاقات اليهودية الفلسطينية.

بتسلئيل سموتريتش، شريك بن غفير في تحالف “الصهيونية الدينية”، هو الآخر يجعل من مسألة الصراع اليهودي الفلسطيني أولوية سياسية عليا بالنسبة له. ومثله مثل بن غفير، يقترح سموتريتش حلاً عنيفاً وعنصرياً للمشكلة. ففي مقال له بعنوان “خطة إسرائيل الحاسمة”، نشر له في عام 2017، يقدم سموتريتش للفلسطينيين في الضفة الغربية ثلاثة خيارات.. الأول هو الموافقة على العيش تحت الحكم اليهودي بدون حقوق سياسية، أما الثاني فهو الهجرة إلى بلد آخر، وأما الثالث فهو مواجهة النتيجة التي تقررها الحرب.

ومثله مثل بن غفير، يعتقد سموتريتش أنه لا يمكن التخلي عن فكرة التفوق العنصري اليهودي داخل “إسرائيل” تحت أي ظرف من الظروف. وفي عام 2021، امتنع عن منح الدعم الذي يحتاجه نتنياهو حتى يتمكن من تشكيل الحكومة، لأن نتنياهو كان سيعتمد في تشكيله للحكومة على حزب عربي، هو القائمة العربية الموحدة بزعامة منصور عباس. كتب سموتريتش حينها مبرراً قراره ذاك: “لا يمكن أن يكون العدو شريكاً شرعياً. نقطة”.

تمكن بن غفير من إقناع الناخبين في المدن المحيطية بأن نتنياهو لم يقدم لهم إجابات – ليس في ما يتعلق بمخاوفهم إزاء القوة السياسية والاقتصادية والأكاديمية المتنامية لجيرانهم الفلسطينيين، وليس في ما يتعلق بحقيقة أنهم كمواطنين مقيمين في المناطق الخارجية، مازالوا ينتظرون التمتع بالثراء الاقتصادي الذي يتم التبجح به، والذي طالما تباهي به نتنياهو.

تتركز شعبية سموتريتش بشكل أساسي في أوساط الجمهور المتدين، والذي بات اليوم جزءاً من النخبة الاقتصادية والحكومية في “إسرائيل”. ولكن ما هو واضح هو أن هذين الرجلين هما الفائزان في الانتخابات الأخيرة، بعد أن زادا من نصيبهما الكلي الذي ارتفع من ستة مقاعد في الجولة السابقة إلى 14 مقعداً في الكنيست الحالي، ما يمكنهما من إملاء الشروط على نتنياهو، الذي يعلم يقيناً أنه بدونهما لا قبل له بتشكيل أي حكومة.

الفوز بالوعود

كما هو متوقع، تتعلق هذه الظروف أولاً وبادئ ذي بدء بالمسائل المرتبطة بالصراع مع الفلسطينيين. وحتى قبل أن يكتمل التفاوض على تشكيل الحكومة، فقد وعد نتنياهو بن غفير بما يأتي: أولاً، سوف يتم إيصال خدمات الكهرباء والمياه إلى ستين موقعاً استيطانياً تم إنشاؤها بدون تراخيص، وجلها أقيم فوق أرض يملكها فلسطينيون. ثانياً، سوف يتم إنشاء مدرسة دينية في موقع يطلق عليه المستوطنون اسم إيفياتار، على أرض تعود إلى بلدة بيتا الفلسطينية. وثالثا، سوف يتم إلغاء قانون تم سنه في عام 2005 بهدف تمكين المسؤولين من إخلاء ثلاث مستوطنات مقامة شمال الضفة الغربية، وذلك من أجل السماح بإعادة بناء مستوطنة هناك، ومرة أخرى على أرض فلسطينية ذات ملكية خاصة، مع ضخ استثمارات ضخمة في تشييد الطرق السريعة بين المدن خدمة لمستوطنات الضفة الغربية.

وقد وعده نتنياهو أيضاً بوزارة الأمن العام، التي تشرف على الشرطة، حيث يسعى بن غفير إلى ضمان الحرية المطلقة في قمع البدو الفلسطينيين جنوب “إسرائيل” ويرغب في إدخال تعديلات على أحكام فتح النيران التي تلزم بها قوات الأمن بحيث يتسنى للضباط، وبلا خوف من المساءلة والملاحقة القضائية، إطلاق النار على أي شخص يرتابون فيه وقتله.

أما سموتريتش فقد وضع نصب عينيه ما هو أعلى من ذلك، إذ يطمع في الحصول على وزارة الدفاع. وبتلك الصفة سوف يكون سموتريتش فعلياً المهيمن الأوحد على الأوضاع في الضفة الغربية، وسوف يتمكن من أن يفعل فيها ما يحلو له، ناهيك عن أنه كان قد تعهد بنشر الجيش داخل ما يسمى المدن المختلطة داخل “إسرائيل” فيما لو تكررت أحداث العنف التي وقعت في أيار/ مايو من عام 2021.

حتى هذه اللحظة مازال نتنياهو ممتنعاً عن ذلك، ولعل السبب في ذلك جزئياً يعود إلى أن إدارة بايدن في ما يبدو أعربت بوضوح لا لبس فيه عن عدم استعدادها للتعاون مع وزارة دفاع إسرائيلية يترأسها سموتريتش. ولربما أيضاً لأن نتنياهو يدرك أنه فيما لو تحكّمت الصهيونية الدينية التي تقرع طبول الحرب بوزارة الأمن العام ووزارة الدفاع في نفس الوقت، فلن يتمكن من بعدها من التحكم بالطريقة التي تدير بها “إسرائيل” الصراع مع الفلسطينيين.

لربما رغب نتنياهو في الاستغناء عن سموتريتش وبن غفير وضم وزير الدفاع الحالي بيني غانتس إلى حكومته، كونه ينتمي إلى وسط اليمين في الطيف السياسي، وبذلك يتمكن من إدامة مقاربة “إدارة الصراع” التي ظل محافظاً عليها بنجاح لما يزيد على الـ15 سنة. ومن هنا يأتي الضغط الذي يمارسه الأمريكيون عليه وعلى غانتس حتى يتوصلا إلى مثل هذا الاتفاق. ولكن قد لا يكون هذا بيد نتنياهو، وخاصة أن اليمين العنصري، الذي سئم سياسة الأمر الواقع التي ظل يبيعها للناخبين، غدا أقوى منه.

ارتفاع وتيرة العنف

ما زال من المبكر جداً التخمين بما سيفرزه هذا الوضع الجديد من تداعيات. فهل سينجح نتنياهو، بالرغم من كل شيء، في فرض سياسته المفضلة وتهميش القضية الفلسطينية؟ لن يكون ذلك سهلاً، وليس فقط لأنه سوف يعود إلى مكتب رئيس الوزراء في فترة من العنف الشديد، شهدت ارتفاع عدد قتلى الفلسطينيين والإسرائيليين منذ مطلع عام 2022 إلى مستويات قياسية لم تعهد منذ نهاية الانتفاضة الثانية في عام 2005، فقد وصلت الأعداد حتى 18 نوفمبر إلى 139 فلسطينياً و27 إسرائيلياً.

وحتى لو تمكن اليمين العنصري من تولي شؤون الشرطة والجيش معاً، فليس من المضمون أن يتمكن من تحقيق أحلامه المتخيلة العنيفة. فالفلسطينيون اليوم ليسوا هم نفس الفلسطينيين الذين كانوا في عام 1948 أو في عام 1967، ولن يصعدوا طواعية إلى الحافلات التي أعدت لتهجيرهم بدون مقاومة.

بالرغم من كل العجز الذي يقيد المجتمع الدولي، فإنه يجد اليوم صعوبة بالغة في تقبل الأبارتايد الإسرائيلي (بدليل القرار الأخير الذي قضى بنقل النقاش حول مشروعية الاحتلال الإسرائيلي إلى محكمة العدل الدولية). أضف إلى ذلك أن الاقتصاد الإسرائيلي يعتمد بشكل تام على اقتصاد العالم، كما أن المجتمع اليهودي الإسرائيلي منقسم أكثر من أي وقت مضى، وخاصة بعد الانتخابات الأخيرة، حيث باتت الأجزاء الأكبر من يسار الوسط ترى في الأحزاب الدينية التي يقودها بن غفير وسموتريتش خطراً يهدد نمط حياتها العلماني.

في مقاله الذي اقتبسنا منه في مطلع هذا التقرير، يتبنى نتنياهو مفهوم “الجدار الحديدي”، وهو عنوان نص مشهور وضعه الأب المؤسس لليمين الصهيوني زئيف جابوتنسكي، الذي كتب في عشرينيات القرن الماضي، يقول إنه فقط بعد استيلاء اليهود بالقوة على أرض إسرائيل فسوف يقبل الفلسطينيون بوجودهم فيها. ولكن في الجدار الحديدي الذي يحاول نتنياهو إنشاءه بهدف إبقاء المسألة الفلسطينية في حالة من الإقصاء، ظهرت تصدعات خطيرة. وهذا ليس شيئاً سيئاً بالضرورة.

المصدر:عربي 21

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال