ذكر تقرير لمجلة «آكسيوس» الأميركية الإلكترونية في الخامس من نيسان الجاري، أن المسؤولين في وزارة الدفاع والاستخبارات الإسرائيلية «أبدوا انزعاجاً مما تضمنه التقرير الذي قدمه رئيس أركان الجيوش الأميركية مارك ميللي أمام جلسة اللجنة الفرعية للاعتمادات العسكرية التابعة لمجلس النواب حين قال إن «الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بسياسة منع إيران من امتلاك سلاح نووي ميداني» ولم يستحسن المسؤولون في إسرائيل استخدامه لعبارة «ميداني» التي استنتجوا منها أن واشنطن تعني هنا أنها على استعداد لتحمل وجود برنامج نووي إيراني» برغم أنه سيستخدم لصناعة السلاح النووي، وتضيف المجلة إن الحكومة الإسرائيلية لم تتحمل أيضاً إعلان ميللي في تلك الجلسة بأن «إيران قادرة على تهيئة كمية من اليورانيوم خلال أسبوعين بما يكفي لصنع السلاح النووي وهذا ما يجعلها قادرة إذا أرادت على صناعة سلاح نووي في عدة أشهر»، وذكر مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى للمجلة بأن «احتجاج إسرائيل على هذا التصريح للرئيس الأميركي جو بايدين جعل الجنرال ميللي يتجنب بعد أيام استخدام عبارة «الميداني» أمام لجنة الشؤون المسلحة في مجلس النواب الأميركي «فلم يذكرها أثناء حديثه عن الموضوع النووي الإيراني، ومن الواضح أن نوعاً من التغيير بدأ يطرأ على الخطاب السياسي الذي اعتادت إدارة بايدين على استخدامه في هذا الموضوع وتخشى حكومة الكيان الإسرائيلي من مضاعفاته عليها في المنطقة، وربما هذا ما دفع رئيس أركان جيش الاحتلال هيرتسي هاليفي إلى الإعلان في وقت متزامن مع تصريح ميللي أن «إسرائيل جاهزة لشن هجوم على إيران دون مساعدة الولايات المتحدة»، لكنه أضاف قائلا: «نحن نعرف كيف نفعل ذلك وحدنا ونحتفظ بحقنا في اتخاذ قراراتنا وإن كنا نفضل أن تشاركنا الولايات المتحدة بالهجوم على إيران لكننا لا نلزمها».
يبدو أن حديث رئيس الأركان الجديد هاليفي بهذا الشكل يدل على إدراكه بأن السياسة الأميركية لا تزال تسعى إلى تجنب حرب مباشرة مع إيران لأسباب تتعلق بعدم ضمان تحقيق أهدافها بينما لا تهتم تل أبيب إلا باتباع سياسة تحريض وتوريط الولايات المتحدة بحروب مباشرة في منطقة الشرق الأوسط.
وتشاء التطورات الأخيرة للمقاومة المتصاعدة خلال أيام قليلة في القدس وكل الأراضي المحتلة وعند غور الأردن وفي تل أبيب وعبر صواريخ قطاع غزة وصواريخ جرى إطلاقها من حدود جنوب لبنان أن تفند كل مزاعم رئيس أركان جيش الاحتلال عن قدرة جيشه وتثبت أن هذه اللحظات التي يشهدها الكيان غير مسبوقة في درجة عجزه عن حماية أمنه داخل وعبر حدود فلسطين المحتلة من عمليات مقاومة مسلحة تعددت جبهاتها على مساحات كثيرة، فما بالك عن حماية أمنه من قوة إقليمية تشكلها إيران مع محور المقاومة، فقد أصبح الآن كل فلسطيني في هذه الظروف في كل مكان من الأراضي المحتلة إما مقاوماً مستنفراً لتنفيذ مهامه على طريقته وإما مقاوماً احتياطياً يعد نفسه للقيام بدوره وهذا ما فرض على الجنرال هاليفي استدعاء جزء من قوات الاحتياط بعد أن تبين له أن القوة البشرية المسلحة من المستوطنين ومن جنود الجيش عاجزة عن منع عملية مقاومة واحدة ضد الاحتلال، وقد ظهرت عوامل الضعف في قوة جيش الاحتلال الآن في تزايد الجبهات الخارجية، فقد تمكنت المقاومة في قطاع غزة بعد تحريره عام 2005 من تحويله إلى جبهة جنوبية بدلاً من الجبهة التي كانت تشكلها مصر حتى عام 1979 وتحولت جبهة جنوب لبنان وجبهة حدود الجولان إلى جبهة شمالية تمتد حتى العراق وطهران في عمقها الإستراتيجي، وحلت جبهة الأراضي المحتلة من القدس حتى رأس الناقورة محل الجبهة الشرقية على امتداد الضفة الغربية، ولم يبق للكيان جبهة لا يحاصره فيها شكل من أشكال المقاومة سوى جبهة البحر على امتداد الساحل الفلسطيني، وبرغم كل أشكال الحروب والعدوان التي شنها الكيان طوال عشرات السنين لم يستطع جيش الاحتلال منع وجود هذه الجبهات وتزايد قدراتها العسكرية والبشرية التي تهدد احتلاله ومستقبل كيانه، ولهذا السبب ليس من المبالغة الاستنتاج بأن الولايات المتحدة نفسها أصبحت عاجزة عن إعادة إنعاشه لأنها هي أيضاً تواجه استحقاقات تهدد استمرار هيمنتها في المنطقة وفي العالم.
المصدر: الوطن
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال