نضج المقاومة في الحفاظ على أمن حجاج الأربعين الحسيني 23

نضج المقاومة في الحفاظ على أمن حجاج الأربعين الحسيني

لقد كان الحج إلى كربلاء مشياً على الأقدام رسماً و عادة في زمن “الشيخ الأنصاري”، لكنه أصبح منسياً لبرهة من الزمن، وأعيد إحياؤه أخيراً على يد “الشيخ ميرزا ​​حسين نوري”. كان حج سيد الشهداء (ع) صعبًا في معظم الفترات التاريخية وكانت حياة الحجاج في خطر، لكن رغم تلك المخاطر كان يغامر الحجاج بحياتهم طواعية ليكسبوا نعمة زيارة ضريح الإمام الحسين (ع) في مراسم الاربعين.

حكومة صدام كانت ضد موكب الأربعين وتعاملت مع من شاركوا في المسيرة بالعنف. حتى حكم مشي الأربعين كان حكماً بالإعدام، ولهذا السبب نفذ الشعب العراقي هذه المراسم بطريقة بسيطة جدا ومحدودة للغاية.

بعد سقوط حزب البعث العراقي أعيد إحياء مراسم الأربعين من جديد. ومنذ ذلك الحين يشارك في تلك المراسم عدد أكبر من الأشخاص الذين شاركوا فيها العام السابق، وكل عام تقام هذه المراسم بكفاءة وعدد أكبر. وحتى بعد ظهور داعش، على الرغم من خطر قيام الإرهابيين التكفيريين بمهاجمة الحجاج، لكن لم يغلق باب المشاركة في مراسم الأربعين. في الواقع تولت القوات الشعبية العراقية والحشد الشعبي وقوى أخرى من جبهة المقاومة من جنسيات مختلفة مسؤولية توفير الأمن لهذه المراسم الضخمة لدرجة أن مسيرة الأربعين أصبحت اليوم أكبر استعراض لقوة الإسلام وللمذهب الشيعي بشكل خاص.

محور المقاومة هو تحالف إقليمي جيوسياسي، يتألف من جهات فعالة في حكومات الدول لإيران والعراق وسورية والجهات الفاعلة غير الحكومية لحزب الله اللبناني والحشد الشعبي وأنصار الله وحماس الذين لديهم مصالح وطنية وأيديولوجية مشتركة. ويحاولون بسياساتهم المستقلة والمقاومة ضمن المجموعة الامنية ​​للشرق الأوسط أن يلعبوا دوراً فاعلا ومركزيا.[1]

وبناءً على ذلك، تشارك دول مختلفة ذات معتقدات مختلفة في مسيرة الأربعين. وتساعد جبهة المقاومة المكونة من قوى إقليمية مختلفة بجنسيات مختلفة في تأمين هذه المراسم.

محور المقاومة جبهة صلبة ومتماسكة بالكامل. إن الأثر الإيجابي لإقامة مسيرة الأربعين الضخمة في تعزيز جبهة المقاومة في المنطقة بمختلف أبعادها الأمنية والثقافية والكلية واضح جدا. واليوم نرى أن العراق اتخذ إجراءات أساسية ومناسبة لضمان أمن مسيرة الأربعين.

وبما أن العراق يعتبر من أعضاء جبهة المقاومة في المنطقة فإن أي مساهمة تأتي ضمن مسار و قضية الأربعين ستؤخذ في الاعتبار من قبله كما جميع أعضاء جبهة المقاومة. لقد استطاعت حكومة العراق ان تضع ضوابط امنية محكمة خلال مسيرة الأربعين وإدارتها بشكل جيد وأن تجمع الملايين في نقطة جغرافية واحدة وبكل آمان، رغم بعض الظروف والتطورات الداخلية في ذلك البلد، بعضها حدث بحق وبعضها حدث بسبب موجات الحركة المناهضة للاستقلال في العراق وهذا يدل على نضج المقاومة وقوتها واهتمامها بقضايا كبرى واستراتيجية اليوم.[2]

تقام مراسم مشي الأربعين الحسيني كل عام بشكل أفضل مما كان عليه في الماضي. لدى جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية أيضًا مسؤوليات جادة في مجال النقل بالطائرات المروحية والنقل البري، وكذلك في مجال الصحة والعلاج والإقامة وتنظيم المواكب وما إلى ذلك. وزارة الدفاع الإيرانية لديها أيضا مسؤوليات في مجال النقل وتهيئة الظروف الآمنة لحركة الحجاج وتأمين وتنظيم المسيرات والمواكب. كما قام الحرس الثوري الإسلامي في هذا الصدد بدوره بكل فعالية بالتعاون والتنسيق مع الحشد الشعبي لانجاح هذه المراسم على أكمل وجه.[3]

لذلك يمكن أن تكون مسيرة الأربعين نموذجاً إقليميًا وحتى عالميًا للتعاون والأخوة والوحدة والثقة والتعاطف من خلال الارتباط بين مختلف المجموعات العرقية الإيرانية والعراقية والسورية واليمنية والأفغانية والباكستانية من جهة والتعامل البناء فيما بين الحكومات والدول أنفسهم في محور المقاومة من ناحية أخرى.

على المستوى الإقليمي تتضاعف هذه القدرات حيث تتعدى مسيرة الأربعين الصور الزائفة للخلافات بين العرب وغير العرب والأكراد والفرس والشيعة والسنة لتجنب وابعاد مظاهر الحرب النفسية التي يكنها الاعداء في المنطقة، وهو مثال ليقظة الشعوب في هذه الدول والإلتزام بمعاني القيم الأخلاقية والدينية المشتركة. إن جاذبية مسيرة الأربعين تكمن في رسالتها التي يمكن أن تخلق موجة جديدة من الوعي والصحوة في دول المنطقة، و تكون نتيجتها تحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين.

على المستوى العالمي تمكنت مسيرة الأربعين من تقديم رسالة للعالم من خلال أمن الموكب وسلامته وفي إظهار حقيقة الفكر الشيعي وإظهار الوجه الحقيقي للمسلمين وعمق السلام والمحبة والعلاقة بين المدرسة الشيعية والإسلام النقي والإسلام المعتدل. كما تظهر حقيقة الإسلام الصحيح الذي تحل محل المفاهيم غير الواقعية والمستهجنة، حيث يتحول الإسلام فيها إلى عنف وحرب.[4]

أخيرًا، يجب القول إن الأمن والسلام الذي تحقق في مسيرة الأربعين والتي فصائل المقاومة لهم النصيب الأكبر في توفيره لحجاج الحسين، استطاع أن يظهر للعالم أن محور المقاومة أفشل كل الخطط والمؤامرات المناهضة للأمن لدى المجموعات التكفيرية وإثبات قوة محور المقاومة في مواجه الارهاب. لذلك ، فإن الجماعات الإرهابية التكفيرية وداعميها الغربيين بالإضافة إلى استمرار مخططاتها العسكرية الشريرة تسعى الى التشكيك في نهج المقاومة. وذلك لأن مسيرة الأربعين تمثل قدوة ونموذجا لإعادة بناء الإيمان والثقافة من خلال تقديم أحد الأمثلة الكاملة والنماذج الصحيحة والتي ليست فقط مثالا للملحمة والجهاد ومكافحة الاستبداد، ولكنها أيضًا إنموذج في التعبد والكرم والشهامة والبسالة وحرية الإنسان.


بررسی مجموعه امنیتی خاورمیانه و شناخت ائتلا فها و تهدیدها با تأکید بر نقش ائتلاف محور مقاومت در مناسبات آن مجموعه/محمد عسکری کرمانی/فصلنامه بیداری اسلامی/ سال دهم شماره دوم 1400.

http://www.sobhezagros.ir/News/138655.html

https://kayhan.ir/fa/news/170521/

https://rahbordemoaser.ir/fa/news/25448

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال