تزامناً مع حملات المقاومة الإسلامية في لبنان نحو شمال فلسطين المحتلة حتى جنوب حيفا، وجهت وسائل الإعلام التابعة للنظام الصهيوني لطمة مريرة لرئيس وزراء هذا النظام قائلة إنه بعد بدء موجة جديدة من الهجمات الصاروخية لحزب الله، يجب على نتنياهو أن يفكر منذ الآن في إعادة سكان حيفا إلى منازلهم؛ لأنه قد فشل أيضاً في إعادة النازحين في شمال الأراضي المحتلة.[1]
في الحقيقة خلال الأشهر الأخيرة واجه النظام الإسرائيلي العديد من التحديات بسبب عدم دخوله في مسار وقف إطلاق النار فضلاً عن عدم تحقق تغيرات استراتيجية على جبهة غزة. لذا شهدت الأيام الأخيرة تركيز النظام الصهيوني على الشمال وسعيه لإثارة التوتر في هذه المنطقة حيث بدأ فعلياً بإطلاق حملات عدائية ضد لبنان.
من المؤكد أن محور المقاومة لم يكن أبداً المبادر إلى أي توتر إقليمي، لكن النظام الصهيوني لطالما سعى إلى تصدير الأزمات والتوترات في المنطقة حتى أنه إذا أتيحت له الفرصة سيشعل الحريق في كامل المنطقة. فالنظام الإسرائيلي مستنداً إلى دعم حلفائه الغربيين، وخاصة الولايات المتحدة وتمتعه بأنواع مختلفة من الأسلحة يقوم وبكل بساطة بارتكاب أي جريمة يقرر القيام بها وسيتابع ذلك.
النظام الإسرائيلي من خلال عمليات غير تقليدية ضد لبنان وضد قائد العمليات في حزب الله إبراهيم عقيل، لم يكن يتوقع أن يستطيع حزب الله لبنان تنفيذ هجمات دقيقة وذكية ضد الكيان، مما يظهر أن حزب الله يمتلك قوة كافية ليفاجئ عدواً ضربه بجميع قواه مقدماً مفاجأة جديدة في المجال الاستراتيجي.
لذا يمكن القول إنه ربما تمكن الصهاينة من إلحاق الضرر بالمقاومة في العمليات التكتيكية، لكن في المجال الاستراتيجي كان حزب الله ومعه المقاومة في فلسطين هو الذي استطاع منذ السابع من أكتوبر أن يوجه ضربات متعددة لهذا النظام ومن بين هذه الضربات:
1- التساؤل حول ضعف المعلومات الاستخبارية للكيان: فقد أظهرت الحوادث المتعددة منذ السابع من أكتوبر وحتى الآن أن قدرة النظام التي لطالما تحدث عنها على مدى ثمانية عقود قد تأثرت بشكل كبير.
2- خسائر الجنود: خلال العمليات العسكرية تكبد الصهاينة خسائر كبيرة مما يدل على أن ضعفهم العسكري قد زاد سواء في جبهة غزة أو في الجبهة الشمالية، رغم أن الصهاينة لا يقدمون معلومات دقيقة عن حجم خسائرهم العسكرية ويفرضون رقابة شديدة.
3- الضعف العسكري: في المجال العسكري عانى النظام الصهيوني من ضعف كبير حتى أنه اعترف صراحة بأن النظام الإسرائيلي لن يكون قادراً على الحفاظ على أراضي 1948، إذا لم تزيد الولايات المتحدة من قبة الدفاع الخاصة بها.
تظهر هذه العوامل أن النظام الصهيوني أصبح عرضة للاختراق في عدة جوانب. الوضع الراهن للنظام الصهيوني يجعله فعليًا غير قادر على مجابهة مجموعات المقاومة، على الرغم من قدرته على توجيه ضربات قوية بين الحين والآخر، إلا أنه يفتقد القدرة على تغيير التحولات لصالحه بشكل استراتيجي.
عموماً يجب القول إن الهدف من الانفجارات والاغتيالات الأخيرة للنظام الصهيوني كان منع زيادة القوة الردعية لحزب الله، وكان يسعى من خلال ذلك إلى جلب الحرب إلى داخل لبنان، ليضع الناس في مواجهة حالة ثنائية بين المعيشة والمقاومة، مما قد يبعدهم عن المقاومة وبالتالي يؤثر على حزب الله ليخضع وينسحب من مواقفه تجاه فلسطين. لكن حزب الله من خلال استهداف قاعدة "رامات ديفيد" الجوية ومطارها العسكري بعشرات الصواريخ من نوع "فادي 1" و"فادي 2"، أظهر أنه يمتلك القوة الكافية للوقوف في وجه عدو يعتبر - بفضل داعميه فقط - عدواً قوياً. والهدف الفعلي لحزب الله هو تهجير المزيد من المستوطنين متعددي الجنسيات من النظام الإسرائيلي وهو ما سيتحقق من خلال توسيع دائرة النيران في شمال فلسطين المحتلة واستمرارها. وبناء على ذلك يبدو أن هذه الهجمات ستستمر حتى يسجل حزب الله النصر على هذا الكيان.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال