في الأشهر الماضية أعلن زعماء العديد من الدول الأوروبية أنهم سيعترفون بدولة فلسطين المستقلة. وأعلن هؤلاء القادة قرارهم في الأيام الماضية والاعتراف بالدولة الفلسطينية. وكانت دول إسبانيا وجمهورية أيرلندا والنرويج رائدة في هذا الحدث وقد أيدت بولندا هذا القرار[1].
القرار الأوروبي الكبير؟
بعد أحداث 7 أكتوبر والزيادة الهائلة في التوترات بين إسرائيل وفلسطين، فكرت الدول الأوروبية مرة أخرى في إقامة سلام دائم. في غضون ذلك يعتبر موقف الدول الأوروبية غير مشترك وسيكون لهذه القضية نفسها تأثيرات كثيرة على مبادرة الأوروبيين. ويعد هذا الموقف غير الموحد أحد نقاط الضعف المهمة في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، ويحاول السيد بوريل، المسؤول عن السياسة الخارجية للاتحاد تقريب مواقف أعضاء الاتحاد السبعة والعشرين من بعضهم البعض باستخدام هذه الموجة حول الدولة الفلسطينية المستقلة. وعلى الرغم من أنه من غير المرجح أن تتخذ جميع الدول الأوروبية نفس الموقف تجاه إسرائيل، إلا أن تشكل هذه العملية لم يعد من المحرمات للاعتراف بفلسطين وهذا يعتبر حدث كبير للغاية. و أصبح هذا الموضوع مكلفا للغاية بالنسبة لإسرائيل، والنظام يحاول استخدام كل أدواته المتاحة لكسر هذه الموجة، [2]وإلى جانب قرار الدول الأوروبية الثلاث المصغرة بالاعتراف بفلسطين، والذي قد تنضم إليه دول أخرى، تحاول إسرائيل استدعاء سفرائها من هذه الدول كما تحاول منع حدوث ذلك بنهجها المعتاد وهو تصوير نفسها مظلومة.
بالإضافة إلى هذه القضية، تمت مناقشة حل الدولتين من قبل أوروبا منذ التسعينيات، كما أكد رؤساء النرويج في بيانهم على أنهم يسعون إلى إنهاء العنف في الأراضي المحتلة بناءً على خطط السلام السابقة. وفي الوقت نفسه، أكدت ثلاث دول أوروبية أنها تبحث عن دعم للجماعات المعتدلة وهو التيار الذي أصبح ضعيفا للغاية في الأحداث الأخيرة، وإذا اختفى فإن فرص السلام ستكون منخفضة للغاية.
وعلى النقيض من هذه الأفكار الأوروبية، فإن بعض الدول الأوروبية الأخرى لا ترى مجرد الاعتراف بالدولة الفلسطينية حلا، ومن بين هذه الدول فرنسا وألمانيا التي تعتقد أنه ينبغي النظر في المزيد من المجالات وأن مجرد إعلان الاعتراف لا يكفي. إن هذا الافتقار إلى وحدة الموقف في أوروبا والذي ظل قائماً لعقود من الزمن، ليس بالقضية الجديدة، ويمكننا أن نذكر أسباباً مختلفة لذلك، من هذه الأسباب حجم ومستوى العلاقات مع إسرائيل، ومدى نفوذ إسرائيل في هذه الدول، وحجم التبادلات التجارية مع إسرائيل، وتعريف هذا النظام بأنه حليف استراتيجي في المنطقة لبعض الدول، وفي حال إضعافه فإن مصالحهم ستكون في خطر. [3] ولذلك فإن مسألة الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة غير مقبولة لديهم دون مراعاة مصالح هذه الدول، حيث اتخذت الولايات المتحدة موقفا منه ولم تعتبر هذه القضية مفهومة وقابلة للتطبيق تماما.
في سياق هذه القضية، يجب الانتباه أيضًا إلى الرد الإسرائيلي حيث ردت حكومتها بسرعة واستدعت سفرائها، وأدانت هذه الخطوة باعتبارها مكافأة للإرهابيين. إن هذا الموقف العنيد والمتسارع لإسرائيل يظهر أن محرمات هذا النظام قد تم كسرها، بل إن تصرفات الحكومات الأوروبية المناهضة للمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في أجزاء مختلفة من فلسطين تعتبرها تتعارض مع أفكار السلام. يمكن أن يكون الأساس لموجة هائلة من الدعم لتشكيل دولة فلسطينية حتى يتمكنوا من السيطرة على إسرائيل إلى حد كبير ومنع العنف والإبادة الجماعية من قبلهم.
كما تدرك إسرائيل جيدًا أن تشكيل الدولة الفلسطينية لن يكون مناسبًا لها على الإطلاق، وأن القوة العسكرية والمعاملة القسرية لهذا النظام ضد الشعب الفلسطيني لن يكون له ما يبرره بعد الآن، لذا ستبذل قصارى جهدها لمنع قيام الدولة الفلسطينية ويمكن لهذا الإجراء الإسرائيلي أن يوضح مرة أخرى لشعوب العالم والحكومات المحبة للسلام أن النظام الصهيوني لا يبحث عن حل للصراع، بل عن الاستيلاء على نطاق واسع وارتكاب الإبادة الجماعية في فلسطين من أجل تحقيق أهدافه الطموحة.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال