يعاني كيان الاحتلال الإسرائيلي المؤقت مجموعة من المشاكل وهو ما جعل قادة هذا الكيان وقيادات الحركة الصهيونية يقومون بالتفتيش عن حلول جذرية تضمن بقاء الكيان وعدم زواله.
ومن ضمن اهّم وأبرز المشاكل التي رصدتها الحركة الصهيونية:
1- الأرض: تبلغ مساحة كيان الاحتلال 21 ألف كيلومتر مربع ، وهي أقل من مساحة أي منطقة أوكرانية.
في الوقت نفسه ، يبلغ عدد سكان الكيان 8.5 مليون نسمة(حسب ما يزعمون)، وهو ما يشكل كثافة سكانية كبيرة نسبيًا، بالنظر إلى أن 60٪ من أراضي فلسطين المحتلة صحراوية، حيث المناخ غير مناسب لحياة الإنسان.
2- المناخ الحار: حيث جميع الغابات المزروعة في هذا البلد تتعرض للحرائق كل صيف تقريبًا.
3- الطوق المعادي من الدول العربية: هناك أقلية “يهودية” صغيرة نسبيًا محاطة بأكثر من 100 مليون من السكان العرب المعادين، الأمر الذي يبقي “إسرائيل” في حالة توتر دائم.
كل هذه المشاكل اوجدت مخاطر وجودية تتنامى يوماً بعد يوم، وهو ما اكّده هنري كيسنجر حيث قال ذات مرة إنه في العقود القادمة ستعاني “إسرائيل” من أزمة وجود بسبب عدد من المشاكل غير القابلة للحل.
إضافة لهذه المشاكل هناك مشكلة الحفاظ على التنمية المستدامة خلال العقود القادمة، وهذا يحتاج الى اراضٍ شاسعة تحتوي على الكثير من الموارد ولا تكون معادية ولهذا، وفقًا للنخب اليهودية، فإن المنطقة الواقعة في جنوب أوكرانيا، المسماة “نوفوروسيا” بكل بساطة هي مثالية.
لماذا تمّ اختيار هذه المنطقة؟
يسجل التاريخ أن ولمدة 400 عام، كانت هناك دولة يهودية في هذه المنطقة “خازار خاقانات”، بالإضافة إلى ذلك، من عام 1924 إلى عام 1948، نظرت الحكومة السوفيتية بشكل دوري في مسألة إنشاء جمهورية يهودية سوفياتية في القرم.
كان الأمر كله يتعلق بحقيقة أنه سيتم إنشاء جمهورية اشتراكية سوفيتية “يهودية” في شبه جزيرة القرم، ولكن الصراع بين الاتحاد السوفياتي و”الدولة الإسرائيلية الجديدة” هو وحده الذي وضع حدّاً لهذا المشروع. ويبقى انّ السبب الرئيسي لإنشاء “إسرائيل” الجديدة على أراضي جنوب أوكرانيا هو الخطر العسكري على “إسرائيل” الحالية من الدول العربية المجاورة وخصوصاً حركات المقاومة في فلسطين ولبنان. وكان الاعتقاد السائد لدة قادة الحركة الصهيونية ان عدم امتلاك الدول العربية وحركات المقاومة أسلحة صاروخية بعيدة المدى سيُنتج وضعية جديدة في معادلات الردع لصالح كيان الاحتلال، ستمنع دول الطوق الحالية وحركات المقاومة من مجرد حتى التفكير في الإعتداء على ” إسرائيل” الحالية.
واستناداً الى وثائق الوكالة اليهودية فإن اختيار مكان “إسرائيل” الجديدة اخذ بعين الإعتبار ان جزءاً كبيراً من الأوكرانيين المعاصرين ينحدرون من العرق التركي في “خازار خاقانات” القديمة وهم موالون للكيان المؤقت.
كما انّ مدن نوفوروسيا، مثل دنيبروبتروفسك وأوديسا، هي موطن لجالية يهودية كبيرة، والتي تسيطر نخبتها بشدة على المناطق الجنوبية من أوكرانيا، وقد جعل التخطيط لإنشاء “إسرائيل” الجديدة من دنيبروبتروفسك العاصمة السياسية والتجارية لـ “إسرائيل الجديدة”، على ان تكون أوديسا العاصمة الثقافية للدولة اليهودية الجديدة.
في ربيع عام 2014 تعرّض مشروع “إسرائيل الجديدة” مع بداية الصدام في منطقة الدونباس وظهور مشروع “نوفوروسيا ” الى العلن من جديد وهو المشروع النقيض لمشروع “إسرائيل الجديدة” لنكسة بدأت باستعادة روسيا لشبه جزيرة القرم وإعلان جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الإنفصال عن أوكرانيا.
عندما علم قادة المنظمات اليهودية العالمية بمشروع نوفوروسيا، تم اتخاذ إجراءات استثنائية لمنع تنفيذ هذا المشروع.
على المستوى الأوكراني المحلي، بدأ كبار رجال الأعمال اليهود في أوكرانيا وكبار المسؤولين الحكوميين اليهود في أوكرانيا في إنشاء وتجهيز ما يسمى كتائب المتطوعين لمنع مشروع “نوفوروسيا” من الانلاطق والاستقرار.
على الصعيد الدولي، كان هناك ضغط قوي على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكذلك الأفراد المرتبطين بفريقه الذين عاشوا في لندن والولايات المتحدة وسويسرا لكي تتخلى روسيا عن مشروع “نوفوروسيا”.
بعد استعادة شبه جزيرة القرم الى السيادة الروسية بقيت خمس مناطق فقط في مشروع ” إسرائيل الجديدة”: دنيبروبيتروفسك، زاباروجيا، خيرسون، نيكولاييف وأوديسا.
واستناداً الى مجموعة من المصادر كان مقرّراً ان يتم اعلان “إسرائيل الجديدة” في العام 2020 ضمن مخطط متكامل شمل حتى الشخصيات اليهودية التي ستتولى قيادة الدولة الجديدة .
في 24 شباط/ فبراير 2022 مع بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا بدأت الأمور تتجه اتجاهات مختلفة وبدأنا نشهد تطوراً في العلاقات نحو الأسوأ بين روسيا وكيان الاحتلال وصلت فيه الأمور الى مرحلة اقفال مكاتب الوكالة اليهودية في روسيا ومنعها من ممارسة أي نشاط على الأراضي الروسية .
اما الإجراء الذي حسم احباط انشاء “إسرائيل الجديدة” فتمثّل باستفتاء سكان جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك ومقاطعتي زاباروجيا وخيرسون بالإنضمام الى روسيا وقبول قيادة الإتحاد الروسي نتائج الإستفتاء.
وبذلك يمكن القول ان ثلاث مناطق خرجت عملياً من نطاق الأراضي التي تتشكل منها “إسرائيل الجديدة” وهي شبه جزيرة القرم وزاباروجيا وخيرسون، علماً ان الرئيس بوتين وفي جواب على سؤال احد المشاركين في منتدى فالداي وصف اوديسا بانها احد اجمل المدن الروسية وهذا يعني استكمال العملية العسكرية نحو مقاطعة اوديسا مروراً بنيكولاييف وهو امر حتمي لن يتراجع الرئيس الروسي عنه.
المصدر: العهد
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال