بعد أخذ وردٍ وجدلٍ كبير، أقر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون المساعدات العسكرية المثير للجدل بأغلبية 79 صوتا مقابل 18 صوتاً معارضًا والذي أقر تقديم المساعدات لكل من أوكرانيا وإسرائيل وتايوان. يعد قرار مجلس الشيوخ الأمريكي خطوة كبيرة من قبل الحزبين الكبيرين للأحزاب السياسية الأمريكية ومثالاً لوضع الخلافات الحزبية جانبًا عند الضرورة [1].
أمريكا متعاطفة مع أوكرانيا؟
إن الدعم الأميركي لأوكرانيا، والذي توسع بشكل كبير بالموافقة على هذه الحزمة الجديدة يتوافق مع سياسات وخطط الولايات المتحدة أكثر من التعاطف الأميركي مع أوكرانيا. وفي إطار عقيدتها الدفاعية وخطتها طويلة المدى تحتاج هذه الدولة إلى حلفاء أقوياء حتى تتمكن من التعامل مع سياسة الاحتواء التي تنتهجها الصين. وفي الواقع فإن دعم أوكرانيا لأمريكا يتماشى مع دعم أوروبا. فالولايات المتحدة تحتاج إلى أوروبا لاحتواء الصين. لأنها وحدها لا تملك الأدوات والقوة اللازمة للتنافس مع الصين. وبالإضافة إلى هذه القضية فإن وجهة نظر الولايات المتحدة وقادتها هي أن الصين وروسيا في تحالف استراتيجي، والسيطرة على كل من هاتين الدولتين ضرورية للولايات المتحدة[2].
وتعتقد الولايات المتحدة أيضاً أن الصين تتعلم من تجربة أوكرانيا حتى تتمكن من التعلم من أخطاء الروس واستخدامها في عملها النهائي ضد تايوان لتحقيق النجاح بأقل تكلفة وفي أقصر وقت ممكن. ولذلك يجب على أمريكا أن تدعم أوكرانيا لإظهار قوتها الرادعة وإرسال هذه الرسالة إلى الجانب الصيني بأنها ستدعم حلفائها بكل قوتها. في الواقع يعتقد صناع السياسات الأميركيون أن حزمة الدعم هذه لأوكرانيا يمكن أن تكون رادعا لحلفائهم وتتحدى روسيا في الوقت نفسه. كما أن تحدي روسيا يمكن أن يزيد من تكاليف هذا البلد، مما يعني إضعاف روسيا بما يتماشى مع مصالح حلفاء أمريكا و الدول الأوروبية.
إن نظرة الولايات المتحدة للقضية الأوكرانية هي أكثر من مجرد نظرة تكتيكية للتعامل مع روسيا والصين، لذلك كلما شعرت أن هذا الأسلوب لم يعد فعالا، فمن المرجح أن تغير نهجها. وإلى جانب هذه القضية لا تملك أوكرانيا تقريباً أي فرصة للفوز بالحرب دون دعم أميركي، وهذا التبعية يعني أن عليها أن تعمل في خدمة المصالح الأميركية. تبنوا المواقف التي يقروها الأمريكيون وحاربوا بالطريقة التي تريدها أمريكا. لذلك يضطرون إلى إقرار قوانين الحرب حسب رأي الولايات المتحدة حتى لا ينسحب الدعم الأمريكي.
وبالإضافة إلى ذلك، تقوم أمريكا بتحديث معداتها وذخائرها. ومن خلال نقل ذخائرها ومعداتها إلى أوكرانيا، يمكن لهذا البلد أن يملأ مستودعاته بمعدات وذخائر جديدة، ويمكنها أيضًا اختبار بعض المعدات العسكرية في معركة حقيقية ومن خلال تحديد نقاط الضعف والقوة فيها لتحسين المعدات الحربية وتلافي نقاط الضعف الموجودة من أجل تطوير ذاته.
رد فعل روسيا؟
السؤال المهم الذي يجب الإجابة عليه هو كيف سيكون رد فعل روسيا على هذا الإجراء الأمريكي. حيث سوف تتحدى أمريكا روسيا من خلال توفير المزيد من المعدات الحديثة والصواريخ ذات المدى الأطول. إذا كانت الولايات المتحدة مخطئة بشأن عتبة التسامح التي تتبناها موسكو وكان لدى روسيا مستوى رد فعل أعلى مما تتوقعه واشنطن، فقد يؤدي ذلك إلى صراع كبير وربما حتى بداية الحرب العالمية الثالثة. ومن أجل التفوق في ساحة المعركة، يمكن لروسيا استخدام الأسلحة النووية التكتيكية إذا تم تحديها، وهو الأمر الذي أثارته موسكو دائمًا كخيار أخير [3].
بالإضافة إلى ذلك، إذا زاد الناتو من ضغوطه وجهز حدوده مع روسيا بالأسلحة النووية، وهي قضية يضعها الناتو على أجندته، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى إشعال نيران الحرب في أوكرانيا بشكل أكبر، وستكون إدارة نطاق الحرب خارج حدود السيطرة بين الأطراف المتنازعة. وفي الحقيقة يبدو أن الولايات المتحدة تلعب بنار خطيرة جداً، ستمتد آثارها إلى كل دول العالم، ولن ينجو منها أحد سالماً. لذلك من الضروري أن تتوصل الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى تفاهم مشترك حول الصراع مع روسيا والتوصل إلى معاهدة سلام قبل أن تخرج إدارة الوضع عن أيديهم، وهو ما قد يبدو في مصلحة جميع الأطراف. .
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال