هل ترامب فعلاً ضدّ الدولة العميقة؟ 51

هل ترامب فعلاً ضدّ الدولة العميقة؟

على الرغم من الخسارة غير المتوقَّعة، والتي مُني بها الحزب الجمهوري، وخصوصاً المرشحين المدعومين من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، فإن الأخير أعلن نيّته الترشح للرئاسة عام 2024، الأمر الذي عدّه وزير العدل الأميركي “ظروفاً استثنائية” تسمح له بتعيين جاك سميث، المدعي العام السابق في جرائم الحرب في كوسوفو، للتحقيق في الاتهامات ضد ترامب، بسوء التعامل مع السجلات الحكومية، ودوره في أحداث 6 كانون الثاني/يناير 2021.
وكانت نتائج الانتخابات النصفية المحبطة للجمهوريين، وقيام عدد منهم باتهام ترامب بالتسبب بالخسارة، بالإضافة إلى صدور تصريحات ضده من مسؤولين جمهوريين سابقين وحاليين… أدّت إلى قيام عدد من أنصار ترامب في الداخل الأميركي وفي العالم باتهام “الدولة العميقة” الأميركية بمحاربة ترامب؛ الاتهام الذي عزّزه إعلان ترامب “تعهُّد تفكيك الدولة العميقة وإعادة الحكم إلى الشعب”، بحسب تعبيره.

إن التدقيق في إدارات ترامب ومساعديه والمصالح التي سعى لأجلها، خلال فترة ولايته، يشير إلى أن ترامب كان يمثّل مصالح أجنحة من الدولة العميقة بينما تعمل ضده أجنحة أخرى. بمعنى آخر، كانت انتخابات عام 2016 عبارة عن صراع أجنحة ضمن الدولة العميقة نفسها، وليس من خارجها أو ضدها، أدّت إلى وصول ترامب إلى البيت الأبيض.

لقد تحالفت إدارة ترامب مع عدد من عمالقة المال في وول ستريت، ومجموعات النفط، وخصوصاً النفط الصخري، بالإضافة إلى مجموعة من الجنرالات، ومن أصحاب نظريات الإسلاموفوبيا، والقوميين البيض، والكنائس الإنجيلية المحافظة.

إن التأييد والدعم الممنوحين لترامب، من قوى في النظام الأميركي، ليسا من دون حساب، ويرتبطان بالمصلحة فحسب، ولا مانع من سحب التأييد إن تبدلت المصلحة.

إنّ رفض ترامب نتائجَ الانتخابات الرئاسية عام 2020، ومحاولة الانقلاب عليها عبر تشجيع أنصاره على دخول الكونغرس، والادّعاء أن الانتخابات مزوّرة ومسروقة لغاية اليوم… إلخ، إن هذه الممارسات السابقة تدقّ ناقوس الخطر لما يمكن أن يكون عليه الموقف عام 2024، في حال خسارة ترامب الانتخابات الرئاسية.

في حال خسارته الانتخابات مرة أخرى عام 2024، فإن السيناريو المرجَّح هو إعلان ترامب أن الانتخابات سُرقت مرةً أخرى، ودعوته إلى العصيان، وعدم الاعتراف بشرعية الرئيس الأميركي، الأمر الذي قد يؤدي إلى فرز عميق وخطير في أميركا، يمكن أن يدفع إلى احتمال مطالبة بعض الولايات بالانفصال، أو قيام بعض العسكريين والجنرالات برفض أوامر “القائد الأعلى للقوات المسلحة”، المطعون في شرعيته، أو قيام اشتباكات مسلحة وحرب شوارع… إلخ.

لذا، فإن هذا السيناريو يجعل ترامب تهديداً للديمقراطية الأميركية ككل، وليس فقط تهديداً لمصالح أطراف الدولة العميقة، التي تستفيد من الهيمنة الأميركية في العالم.

بقلم: ليلي نقولا

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال