هل تكون دماء الشهيدة شيرين أبو عاقلة نقطة تحول؟ 104

هل تكون دماء الشهيدة شيرين أبو عاقلة نقطة تحول؟

– شهادة شيرين أبو عاقلة ليست موضوع نقاش، فهي بصدق التزامها بقضية شعبها ورفع صوته تحوّلت على مدى ربع قرن الى أيقونة، وما عبر عنه الفلسطينيون ومقاومتهم من مواكب التشييع الى البيانات والمواقف وما حفلت به وسائل التواصل خير مصداق وشاهد، وحال الحزن والغضب التي عمّت الكثير من بيوت العرب بكبارهم وصغارهم ورجالهم ونسائهم خير تعبير عن أن صدقها أوصل الرسالة التي كانت تحرص على إيصالها بكل قوة في كل مناسبة، بأنها لم تغادر وباقية لتوصل صوت هذا الشعب الى كل العالم. وقد كان حملها للجنسية الأميركية والعروض التي تلقتها من مؤسسات إعلامية غربية يخوّلانها هجرة القدس وفلسطين مراراً، وما يرويه أهالي الأسرى وعائلات الشهداء عن صداقة ربطتهم بها ومودة زرعتها في قلوبهم تأكيد لذلك النبض الصادق الذي عبرت عنه، واستحقت معه مرتبة الشهادة، سواء كانت تعمل في قناة الجزيرة أو في قناة السي أن أن.

– شهادة شيرين أبو عاقلة وموجة الغضب والحزن التي أطلقتها، قدّمت فرصة لتفحص الوهم الذي تروج له بعض الأوساط الفلسطينية والعربية، وهو إمكانية أن يؤدي شعور قادة كيان الاحتلال بضعفهم داخل الكيان وضعف كيانهم داخل معادلات المنطقة إلى التعقل وإقامة الحسابات، والتجربة قالت مراراً وهي تقول اليوم إن هذا الكيان كلما ضعفت قيادته فهي تضعف أمام المتطرفين والمستوطنين وتتماهى مع توحشهم، وإن هذا الكيان كلما ضعف أمام معادلات المنطقة، سواء صنعتها دول أو حركات مقاومة، يوسّع دائرة القتل أملا بتضييق دائرة الضوء على جرائمه وردع الشرائح الفلسطينية والعربية المتردّدة عن أي إعادة نظر في تموضعها إلى جانبه، ولا يجب أن يراود الشك أحد في أن ما حصل في جريمة إعدام شيرين ابو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة هو رسالة موقعة من قيادة الكيان، موجهة إلى دول التطبيع، وإلى السلطة الفلسطينية ومسؤوليتها عن التنسيق الأمني، والقائمة العربية المشاركة في الحكومة ودورها في الحفاظ على الحكومة، بأن القتل يشكل الجواب على أية محاولة للتأقلم مع المعادلات الجديدة وعدم احترام الخطوط الحمراء للكيان.

– شهادة شيرين أبو عاقلة، سواء فهمتها حكومة قطر وقناة الجزيرة كرسالة مباشرة إليهما أو لم تفهماها كذلك، فهي كذلك، وقطر التي شاركت دون كل دول الخليج في اجتماع وزراء الدفاع للدول الحليفة لواشنطن من أجل تسليح الجيش الأوكراني، وقناة الجزيرة التي تولّت دون كل قنوات العالم الفضائية مهمة الإعلام الحربي للحكم الأوكراني في شيطنة روسيا وعملياتها العسكرية، وحكومة قطر وقناة الجزيرة قد تشاركتا في ريادة نهج التطبيع النفسي مع كيان الاحتلال من بوابة تصنيفه رأياً آخر، واعتبار الانفتاح عليه والتعامل معه يخففان من غلوّه وعدوانيّته، وصنعتا نظرية أولوية العداء للحكومات العربية المناوئة للكيان على العداء للكيان نفسه أملاً باسترضائه بخوض حروبه بالوكالة، كما تقول كل وقائع مواقف قطر والجزيرة من الحرب على سورية؛ هل تفهمان اليوم الرسالة، ومضمونها أن الاحتلال ليس رأياً آخر، وأن التعامل معه ليس وجهة نظر، وأن التحول الى موقع الحليف المميّز عند الأميركي ليس حصانة بوجهه، وأن العداء لكل من يعادي الكيان لا يحتسب لأصحابه عندما يستدعي جدول أعمال الكيان المزيد من التوحش، بل قد تكون أولى الرسائل الدموية موجهة لهم بدماء شهداء أنقياء من أمثال شيرين ابو عاقلة، رسالة مضمونها أن المنطقة عشية حرب ستكون غزة طرفاً مباشراً فيها فاختاروا موقعكم الإعلامي من الآن وإلا..!

– أن تكون دماء شيرين ابو عاقلة نقطة تحول، يعني أحد أمرين أو كليهما، الأول أن يتوقف العالم الغربي بمؤسساته الحكومية والقانونية عن معاملة جرائم الاحتلال بمعيار الحماية، أو المواربة، والثاني أن تغسل دماء شيرين أبوعاقلة عار التطبيع عن الإعلام العربيّ، وفي المقدمة منه قناة الجزيرة، وأن يرد الاعتبار لمعيار العداء لكيان الاحتلال في رسم صورة المشهد العربي السياسي والإعلامي، ورغم الحزن والغضب والمرارة ليس ثمّة ما يقول أن شيئا من هذا سيحدث قريباً أو أنه على وشك الحدوث.

– رحم الله شيرين شهيدة فلسطين وقد احتضنها القلوب ورفعتها الأكتاف، وبكتها العيون، وشيعها المقاومون، قبل أن يتسابق الانتهازيون إلى التقاط الصورة التذكارية!

 

ناصر قنديل

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال