هل هو تهديد قوي أم مجرد وسيلة للمفاوضات؟ 1930

هل هو تهديد قوي أم مجرد وسيلة للمفاوضات؟

بعد أن عجزت أوكرانيا عن الحصول على موافقة قادة أوروبا على خطتها لتحقيق الانتصار، تسعى الآن إلى فرض الضغط السياسي عليهم لتقديم المزيد من الدعم. في هذا السياق ذكر الرئيس الأوكراني السيد زيلينسكي في حديثه مع الأمين العام لحلف الناتو والمسؤول عن السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، أن أوكرانيا ليس لديها سوى خيارين للدفاع عن نفسها: إما الانضمام إلى الناتو أو إنشاء قنبلة نووية.

التهديد الكبير من أوكرانيا
يبدو أن ماصرح به زيلينسكي كان المقصود به كما جاء في بيان الرئاسة، حيث أصدرت الرئاسة الأوكرانية بيانًا توضح فيه أن الحكومة الأوكرانية لا تعني بناء أسلحة نووية وتؤكد التزامها بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وذكرت الحكومة الأوكرانية أن بلادها تعرضت للضرر، وأن الدول التي كانت ضامنة لأمن أوكرانيا بعد الاستقلال لم تفعل شيئًا من أجلها.[1]

في الواقع يبدو أن أوكرانيا قد وجهت تحذيرًا إلى الحكومات الغربية مفاده أنه يجب عليهم التعاون معها وزيادة دعمهم، أو أنها ستضطر إلى اتخاذ إجراءات انتحارية من أجل بقاءها. رغم أن هذا التوجه من أوكرانيا قوبل بالتكذيب من مكتب الرئاسة إلا أنه ذكر الغرب بمسألة مهمة وهي أن من تضرر هو أوكرانيا وليست القوى النووية وأن أوكرانيا تدفع اليوم ثمن الثقة بالقوى النووية بعد عام 1994 بأصعب الأشكال.

بالإضافة إلى ذلك تشير هذه الخطوة إلى أن الحكومة الأوكرانية ربما تبحث عن نهج جديد لتحقيق المزيد من المفاوضات. بمعنى آخر أصبح صوت أوكرانيا مسموعًا الآن؛ فهم يريدون المزيد من الدعم ويبدو أنهم منزعجون جدًا من كونهم ألعوبة في يد الغرب. تسعى الحكومة الأوكرانية من خلال طرح مثل هذه المطالب التي يتم تكذيبها على الفور إلى تعزيز قوة موقفها في المفاوضات مع الأطراف الغربية بهدف إقناعهم بزيادة مستوى الدعم وفي النهاية الانضمام إلى الناتو.

رغبة الانضمام إلى الناتو!
أبلغ السيد زيلينسكي في لقائه مع السيد روته الأمين العام الجديد لحلف الناتو أن جميع أعضاء الناتو يعيشون في سلام ولم يختبروا الحرب وأن أوكرانيا اختارت الناتو بدلاً من الأسلحة النووية لأسباب تتعلق بالأمن. بدوره أكد الأمين العام للناتو دعمه لأوكرانيا مشيرًا إلى أن الحلف يسعى إلى عضوية أوكرانيا وأن هذه مسيرة لا رجعة فيها لكنه امتنع عن تحديد موعد لذلك وفقاً للنهج المتبع في السنوات الأخيرة.[2]

علاوة على ذلك يتطلب انضمام أوكرانيا موافقة جميع أعضاء الناتو وفي هذه الأثناء تعارض سلوفاكيا والمجر انضمام أوكرانيا حيث يعتقدون أن هذا الأمر قد يؤدي إلى تصعيد التوتر واندلاع حرب غير مضبوطة وخارجة عن السيطرة.

ومع ذلك فإن معظم أعضاء الناتو قد قدموا دعمهم لأوكرانيا على الصعيد السياسي فقط ولم يتم اتخاذ إجراءات فعلية أكثر من ذلك. يبدو أن على أوكرانيا أن تقبل على الأقل في الوضع الحالي أن الانضمام إلى الناتو في ظل ظروف حربها يعد أمرًا شبه مستحيل وأن هذا الحلف ليس معنيًا بتحدي قوة نووية كبرى تمتلك أخطر الأسلحة النووية.

بالإضافة إلى ذلك يجب على أوكرانيا أن تأخذ في اعتبارها أن الضغط المتزايد على الأطراف الغربية لتجهيز الجيش أو السماح باستخدام أسلحة أقوى يمكن أن يعطي روسيا مبررًا للهجوم وتصعيد التوتر في جبهات أخرى، وهو ما تخشى منه أوروبا لأنها لا تملك حاليًا القدرة على مواجهة روسيا وتحاول بتصميم تجنب المواجهة المباشرة.

كما يجب أن يدرك زيلينسكي أن الغرب قد جر أوكرانيا نحو الحرب وأن الدعم الذي تعهد به لم يُنفذ بشكل فعلي. في الواقع يبدو أن الغرب قد استفاد أكثر من أوكرانيا حيث استطاع من خلال الحرب تعزيز جزء من اقتصاده ومواجهة روسيا والآن بعد أن شعرت بالخطر تسعى إلى التوصل إلى معاهدة سلام بين روسيا وأوكرانيا. لذلك إذا قبلت أوكرانيا بأنها وقعت فريسة لمخطط كبير فقد يكون من الأفضل لها أن تتعامل مع النقاشات المستقبلية سواء مع الغرب أو مع روسيا دون الحاجة لتبرير أو تفسير أقوالها، خصوصًا تلك التي تتعلق بزعزعة توازن القوى في النظام الدولي أو تخطي الخطوط الحمراء الغربية والتي قد تؤدي إلى ضغوط سياسية على أوكرانيا لتغيير أو تفسير تلك التصريحات. ويجب على أوكرانيا أن تغير نظرتها تجاه الغرب وأن تتناول الأمور بشكل أكثر واقعية. في الحقيقة ينبغي لأوكرانيا أن تفكر في إعادة إحياء مستقبلها من خلال الاستفادة من الدروس التي جربتها من هذه اللعبة ومن الخدع التي تعاني منها.

امین مهدوي



[1] euronews.com
[2] politico.eu
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال