هل يتحول الثعلب إلى حمل.. ماذا سينتج عن زيارة السوداني لواشنطن؟ 3201

هل يتحول الثعلب إلى حمل.. ماذا سينتج عن زيارة السوداني لواشنطن؟

مرحلة جديدة في العلاقات العراقية الأمريكية تلوح بالسماء في ظل التوترات الإقليمية والدولية التي تشهدها المنطقة، تفتحها زيارة رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني إلى واشنطن.

حيث قال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء في بيان إن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني استقبل في مقر إقامته بالعاصمة الأمريكية واشنطن، عضو لجنتي العلاقات الخارجية والقوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور عن الحزب الديمقراطي تيم كين والوفد المرافق له.

من جهته أكد السوداني، إن توقيت الزيارة مهمّ لتعزيز العلاقات بين البلدين، مشيراً إلى رؤية الحكومة في إيجاد علاقة مستدامة تشمل جميع المجالات، بضمنها المجال الأمني، وهو ما جرى العمل عليه عبر مجموعة أسس منهجية ابتدأت باللجنة العسكرية العليا التي ستناقش مهمة التحالف الدولي، وهو ما يخضع للتنظيم في الحوارات الجارية بين وزارة الدفاع العراقية والبنتاغون لتحديد شكل العلاقة الأمنية المستقبلية.

وأوضح السوداني، أن اللجنة التنسيقية لاتفاقية الإطار الاستراتيجي عقدت اجتماعها الأول لبحث ملفات الطاقة والتجارة والتعليم وغيرها، بما سيعود بالنفع على البلدين وتقوية الأواصر بين الشعبين، لافتا إلى أن الوفد العراقي يضمّ مجموعة من رجال الأعمال في القطاع الخاص، سيعقدون اجتماعات مع نظرائهم في واشنطن.

وأكد رئيس الوزراء، أن العراق يمتلك علاقات متميزة مع إيران وأمريكا، وهو أمر يخدم الاستقرار في المنطقة، مشيراً إلى ما يحصل في غزّة، وموقف العراق الثابت والمبدئي من الأحداث، الذي حذر فيه منذ البداية من التداعيات الخطيرة على استقرار المنطقة.

بدوره، عبَّر السيناتور كين عن سعادته باللقاء، مبديا دعمه الجهود التي تعمل على تحويل العلاقة وجعل الجوانب الاقتصادية والتجارية والثقافية هي البارزة، وليس الجانب العسكري.

وأكد السيناتور، تقديره الخطوات المشتركة والتفاهمات الجارية عبر اللجان الثنائية، التي تؤسس وتؤكد رسالة الصداقة والشراكة وتعزيز التعاون الاقتصادي والتنموي بين البلدين.

يبدو أن السوداني استطاع إقناع واشنطن بقدرته نسبيا على أن يكون "طرفا عراقيا موثوقا به وقابلا للتفاهم معه" حول الملفات الشائكة في العلاقة بين بغداد وواشنطن، خاصة أن العراق "يحتاج إلى أن يكون بمنأى عن الصراع الإقليمي الدائر بالمنطقة"، وأن تجنب ذلك يتطلب التزامات متبادلة بين طرفي الزيارة.

كل هذا لا يعني أن أمريكا تحولت إلى حمل وديع فهي لا يمكن أن تكون إلا ثعلباً ماكراً ولا ترى سوى مصالحها ومكاسبها الخاصة.

لكن يرى محللون أنه من الممكن أن تكون الزيارة بداية "الانتقال بالعلاقات مع الولايات المتحدة إلى مرحلة جديدة متماشية مع برنامج الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وكذلك على الشراكات المنتجة مع مختلف دول العالم".

إن ما نراه اليوم يعد تطورا كبيرا وملفتا في العلاقة بين العراق وامريكا ولكن لا يزال من غير المعلوم إن كان هذا التحول الجذري سينجح في طي صفحة الماضي المليئة بالدمار والحرب والقتل ومحوها من ذاكرة الشعب العراقي ومن غير المعلوم أيضا الموقف الشعبي من تلك اللقاءات والتطورات في العلاقات وهل من الممكن فتح صفحة أساسها العلاقات الاقتصادية المباشرة وفرص الاستثمار المنتج وبأولوية أولى تسبق الأولويات الأخرى فيما يتعلق بالقطاع المصرفي.

إن الزيارة تبدو مهمة لحكومة العراق وفقا لمتابعين للشأن العراقي خاصة مع وجود مؤشرات من الولايات المتحدة باتجاه رغبة في خلق شراكة حقيقية مع العراق حسب تحليلهم أي أن الزيارة من الممكن أن تخلق شراكة جديدة في مجالات أخرى غير الأمن، "كالثقافة والتعليم والطاقة والاقتصاد، وأن تنتقل العلاقة من الأمنية والعسكرية إلى علاقة تنموية استثمارية خصوصا أن الوفد الذي ذهب إلى واشنطن لا يحمل أية مسؤولية في حكومة السوداني في حين تحضر شخصيات مهمة حضورها يتعلق بالثقافة وبالاقتصاد والطاقة، ويحتاجها العراق، وهذا الأمر مؤشر إلى أن العراق تجاوز عقبة الأمن" على حد تقديره.

لا يخف على أحد أنه إذا ما تمت تلك التسوية بين العراق وأمريكا يعني أن أمريكا ستعطي أمرا بإنهاء الخلافات الداخلية في العراق والتي أشعلتها بيدها وبالتالي خلق بيئة مناسبة للحوار والتفاهم وتوحيد القرار الداخلي.

وأجمع محللون أن زيارة السوداني إلى واشنطن بعد سنة ونصف على تشكيل حكومته، تدل على أنه استطاع إقناع واشنطن بقدرته نسبيا على أن يكون "طرفا عراقيا موثوقا به" وأنه بإمكانها "التفاهم معه حول الملفات الشائكة في العلاقة بين بغداد وواشنطن" وفي مقدمتها ملف الوجود الأميركي في العراق، وملف العقوبات الاقتصادية وتهريب العملة وغسيل الأموال، وكذلك الملفان الأمني والسياسي، وهذه مؤشرات جيدة لحكومة السوداني إذا نجحت في إيجاد تفاهمات حولها، سيعطيها ذلك دعما قويا يمكن أن ينعكس إيجابا على الاستقرار في العراق.

وتأتي الزيارة في وقت تقف فيه المنطقة وسط احتمالات الانزلاق والمواجهة الشاملة بين واشنطن وتل أبيب من جهة، ومحور المقاومة من جهة أخرى.

في ظل هذه المواجهة المستمرة والمتصاعدة بين الطرفين يحتاج العراق بشدة إلى أن يكون بمنأى عن التورط في هذا الصراع. وتجنب ذلك يتطلب التزامات متبادلة بين بغداد وواشنطن، وإذا فشل أي من الطرفين في الوفاء بالتزاماته فالمحصلة ستكون سلبية على مصالح العراق العليا. وربما تكون الزيارة فرصة ثمينة للوصول إلى تفاهم بهذا الخصوص.

مجد عيسى



المصادر:

1- https://cuts.top/Exe9
2- https://cuts.top/ExeQ
3- https://cuts.top/Exf4
4- https://cuts.top/CE5X
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال