مشكلة بعض الساسة اللبنانيين أنهم لا ينتبهون إلى أن ما يقولونه من كلام سوء بحق ما تقوم به المقاومة ويقرأه كثير من اللبنانيين بالقياس والمقارنة مع حال كيان الاحتلال وتعليقات قادته، فيعرفون أن الانزعاج الداخلي هو امتداد لغيظ يبدأ في تل أبيب وينتهي في واشنطن بعدما يعبر عدداً من عواصم المنطقة التي تشارك القلق من معادلة، “مقاومة قوية تعني إسرائيل ضعيفة”. وسواء كان الانزعاج من طرف من طرفي المعادلة، فالمنزعج من قوة المقاومة يقابله ويلتقي معه منزعج من ضعف الكيان، والحصيلة واحدة لترابط طرفي المعادلة عضوياً.
منذ اللحظة التي بدأت تنتشر فيها فيديوات وصور وأخبار المناورة التي أجرتها المقاومة، وقادة كيان الاحتلال لم يعرفوا الهدوء، وتصريحاتهم تكشف حجم التخبّط الذي دخلوا فيه، والتهديدات المتعدّدة التي أطلقوها بحق المقاومة تكشف حجم الرعب والأسئلة الوجودية التي فجّرتها المناورة تحت شعار “سنعبر وقادرون”، في الرأي العام داخل الكيان، ما احتاج هذه الجرعات من العنتريات أملا بتهدئة الداخل دون جدوى، حتى انتقل الحديث إلى احتمالات حرب كبرى، ثم الحديث عن ملف إيران النووي، مروراً بفرضية إقدام المقاومة على ما وصفت الخطوة الخطيرة بإطلاق مسيرات من سورية نحو عمق الكيان، وكلها تعبيرات مختلفة عن حال هيستيريا تجتاح الكيان بفعل العجز عن التأقلم مع حقيقة أن المقاومة أعلنت انتهاء تحضيراتها لعمليّة العبور، وأن أول مواجهة تندلع على جبهة الحدود اللبنانية الجنوبية سوف تحمل فرصة تحديد الساعة صفر لهذا العبور.
المقاومة التي كانت المبادرة بالخطوة الأولى سوف تكون الحاضر السياسيّ الأول في رسم ملامح المرحلة المقبلة مع الكلمة المرتقبة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله غداً، والتي سوف تطغى على كل العنتريات التي أطلقها قادة الكيان وسوف يستمع إليها المستوطنون بعناية بصفتها التشخيص الوحيد الذي يملك المصداقية في توصيف اللحظة الراهنة وما ينتظر الكيان، وسوف يبني المستوطنون خياراتهم على ما سوف يقوله السيد نصرالله، لا على ما سمعوه من بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت وجنرالات الاحتلال.
المصدر: البناء
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال