واشنطن تواصل اللعب بالنار ومكرها يبور 25

واشنطن تواصل اللعب بالنار ومكرها يبور

لا تزال الإدارة الأميركية تحاول يائسةً فرض هيمنتها وسيطرتها على أصقاع الأرض قاطبةً، حيث إنها ورغم هزائمها المتتالية في العالم، بما في ذلك في أوكرانيا، تقوم بتنفيذ مناورات غايةً في الخطورة، بهدف الإيحاء بأنها ما زالت هي القوة الدولية الوحيدة المهيمنة على العالم، براً وبحراً وجواً .
إذ انّ استعراضاً سريعاً، أو قراءةً سريعةً للتحركات الأميركية، عبر العالم، خلال الشهر الحالي، ايّ شهر ١٠/٢٠٢٢، يظهر مدى التهوّر الذي تمارسه الولايات المتحدة وما يمكن أن ينجم عن هذا التهوّر من تداعيات كارثيّة على العالم أجمع.
ولعلّ أخطر التحرشات العسكرية الأميركية هي التالية:
1 ـ قامت قطع بحرية أميركية بالتحرّش بسفينة تجارية إيرانية في البحر الأحمر، بتاريخ ١١/٧/٢٠٢٢، حيث قامت سفن حربية إيرانية تابعةً لبحرية الحرس الثوري، كانت على مقربة من مكان الحادث، بالتصدّي لمحاولة القرصنة الأميركية ورافقت السفينة الإيرانية مفسحةً لها المجال لمتابعة إبحارها نحو وجهتها الأساسية .
وكعادتها قامت واشنطن، عبر قيادة أسطولها الخامس في البحرين، بنشر مجموعة من الأكاذيب حول الحادث، كان ادّعاء الطرف الأميركي، بأنّ القطع الحربية الأميركية كانت تشكّ بأنّ السفينة الإيرانية تحمل أسلحةً لتسليمها لحركة الشباب الإرهابية الصومالية، كانت هذه الادّعاءات هي الأكثر فجاجة لأنّ واشنطن تعرف تماماً أنّ من يوفر الغطاء لهذه المجموعة هي واشنطن نفسها! وأنّ من يموّلها هم أذناب واشنطن في الرياض!
2 ـ ثم تبع ذلك، الزيارة الاستفزازية لرئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، الى جزيرة فورموزا الصينية (تايوان) المنشقة عن الوطن الأمّ (الصين)، بتاريخ ٤/٨/٢٠٢٢، وهي الزيارة التي تشكل خرقاً واضحاً لاتفاق سنة ١٩٧٩ بين واشنطن وبكين، الذي اعترفت من خلاله واشنطن بالصين الواحدة، الأمر الذي يعني اعترافاً بسيادة الصين على هذه الجزيرة المنشقة.
من هنا فإنّ زيارة هذه اللامسؤولة الأميركية تشكل خرقاً فاضحاً للسيادة الصينية على هذه الجزيره، إضافة الى ما تسبّبت به من توتر عسكري شديد في منطقة غايةً في الحساسية، لكونها تشكل ممراً تجارياً رئيسياً للتجارة الدولية (مضيق تايوان)، الرابط بين المحيط الهندي وجنوب شرق آسيا ومضيق مالقا غرباً، الذي يوصل الى المحيط الهندي وبحر العرب غرباً.
وغنيّ عن القول طبعاً أنّ الولايات المتحدة كانت تهدف من وراء تلك الزيارة إلى استفزاز جمهورية الصين الشعبية وقواتها المسلحة لرفع منسوب التوتر في منطقة غرب المحيط الهادئ وبحار الصين وبحر اليابان، طمعاً في تكريس نفوذها وتواجدها العسكري في تلك المنطقة.
وهو ما حصل فعلاً، إذ قامت واشنطن بتنفيذ مناورات استفزازية، بحرية وجوية، شاركت فيها اليابان وكوريا الجنوبية، بحجة مكافحة الغواصات في بحار جنوب شرق آسيا.
3 ـ قيام قيادة الأسطول الخامس الأميركي، في البحرين، بتاريخ ٣٠/٨/٢٠٢٢، بإرسال زوارق مسيّرة لتنفيذ عمليات تجسّس وتحرّش بالسفن الإيرانية وغيرها من السفن التجارية المتواجدة في مياه الخليج ومضيق هرمز، مما اضطر زوارق سلاح البحرية، التابعة لحرس الثورة الإيراني، الى اعتراض تلك الزوارق الأميركية السائبة وسيطرت عليها ومنعتها من تهديد حركة الملاحة البحرية في تلك المنطقة المزدحمة بالسفن التجارية، خاصة أنّ تلك الزوارق الأميركية كانت تتحرك بشكل يهدّد بوقوع حوادث بحرية خطيرة .
4 ـ قيام قوات بحرية خاصة، أميركية بريطانية، بتفجير خطي أنابيب الغاز الروسي الى أوروبا، «السيل الشمالي ١» و «السيل الشمالي ٢»، بالقرب من جزيرة بورن هولم /Bornholm / الدنماركية، بتاريخ ٢٦/٩/٢٠٢٢، وذلك خدمة لاستراتيجية واشنطن الهادفة من حرمان الدول الأوروبية من مصادر الطاقة الروسية الرخيصة، مما يساهم في إلحاق أشدّ الأضرار باقتصاد القارة الأوروبية ويجعلها أكثر خضوعاً لابتزاز السياسات الأميركية.
وهو ما يبدو واضحاً في طريقة تعامل واشنطن التجاري مع «حلفائها» الأوروبيين، حيث تبيعهم الغاز المُسال بأربعة أمثال السعر الذي يُباع للشركات الأميركية، وهو الأمر الذي أكد عليه الرئيس الفرنسي في تصريحات متلفزة قبل أيام.
كما لا بدّ من التأكيد على أنّ عملية التفجير هذه هي عملية إرهابية، نفذتها دول بعينها، ما يقترب كثيراً من إعلان حرب على الدولة الروسية، التي سوف تتخذ الإجراءات والقرارات المناسبة، للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية وأمنها الاستراتيجي، خاصة أنّ هذه العمليات التخريبية، الأميركية البريطانية، تشكل تهديداً لمصالح روسيا وأمنها الاستراتيجي ليس فقط في بحر البلطيق وإنما في منطقة المحيط المتجمّد الشمالي، حيث تواصل القطع البحرية والطائرات الحربية الأطلسية تحرّشها بسفن الأبحاث الروسية في تلك المنطقة.
5 ـ قيام عناصر إجرامية أوكرانية، بقيادة مباشرة من قبل ضباط عمليات تابعين لسلاح البحرية البريطاني، وبمساعدة الأقمار الصناعية الأميركية، بتنفيذ عملية تفجير ضخمة، استهدفت جسر القرم الروسي، بتاريخ ٩/١٠/٢٠٢٢، مما أدّى الى إصابة الجسر بأضرار جسيمة، أدّت الى توقف حركة السير عليه بشكل مؤقت.
انها عملية استفزاز تهدف الى ضرب عصب مدني، يتسم بأهمية خاصة، في ظلّ العدوان الأميركي الأطلسي على روسيا وجيشها، وفي الوقت نفسه كأنما بين أهداف العملية إيصال رسالة الى القيادة الروسية مفادها:
انّ يد واشنطن لا تزال طويلة وانها قادرة على ضرب أهداف حساسة دون رادع .
الا انّ التدقيق في طبيعة العملية لا يمكن ان يقود إلا الى نتيجة واحدة مؤداها: انّ هذه العملية هي عملية جبانة تهدف الى التغطية على عجز واشنطن ولندن وكلّ قوى حلف العدوان الأطلسي عن مواجهة الجيش الروسي في الميدان. وهي ليست أكثر من محاولة أخرى فاشلة، للإيحاء بأنّ واشنطن لا تزال قادرة على فرض هيمنتها على العالم كله.
6 ـ قيام تحالف العدوان الأميركي الاطلسي، وبمشاركة مباشرة من ضباط عمليات بريطانيين تابعين لسلاح البحرية البريطاني، بتنفيذ اعتداء بحري جديد على السفن الروسية المتواجدة في البحر الأسود، قبل أيام قليلة، وذلك باستخدام مُسيّرات، وألغام بحرية بريطانية الصنع، لمهاجمة ميناء سيڤاستيبول الروسي، وهو القاعدة الرئيسية لأسطول البحر الأسود الروسي.
وقد نفذ هذا الهجوم انطلاقاً من ميناء أوديسا الأوكراني، على البحر الأسود، وبتوجيه مباشر من أقمار صناعية أميركية، عسكرية ومدنية. وهو الأمر الذي يُضاعف جريمه المنفذين، إذ انّ استغلال الأقمار الصناعية المدنية، لتنفيذ عمليات إرهابية على الأرض، هو عمل إرهابي يحاسب عليه القانون الدولي، لا بل يعطي روسيا، الدولة المتضرّرة، كلّ الحقّ لضرب كافة الأقمار الصناعية الأميركية، التي شاركت في تنفيذ الجريمة، وإسقاطها.
7 ـ توسيع واشنطن دائرة استفزازاتها، ضدّ كلّ من جمهورية الصين الشعبية وروسيا الاتحادية وإيران، وذلك عندما أرسلت قاذفتي قنابل استراتيجيتين أميركيتين، من طراز B52، بتاريخ ٣١/١٠/٢٠٢٢ الى قاعدة تندال /Tindal / الجوية الاسترالية القريبة من مدينة كاثرينKathrine ، حسب تصريحات متلفزة لرئيس الوزراء الأسترالي أمس.
علماً أن البنتاغون يخطط لإرسال أربع قاذفات أخرى من هذا الطراز لترابط في القاعده المذكورة أعلاه، الواقعة على بعد ٣٠٠ كم جنوب مدينة داروين، على ساحل أستراليا الشمالي، الأمر الذي يشكل استفزازاً جديداً لجمهورية الصين الشعبية، التي لن تخيفها مثل هذه التحركات الاستفزازية، خاصةً أنّ لديها ما يكفي من الوسائل القتالية، القادرة على مواجهة ايّ تهديدات قد تشكلها هذه القاذفات. وهي قادرة على التعامل مع مثل هذه التهديدات باستعمال صواريخها الباليستية من طراز: DF26، التي يبلغ مداها خمسة آلاف كيلو متر وتحمل رأساً متفجّراً يزن ألفاً وثمانمئة كيلوغراماً، ما يكفي لمحو ايّ قاعدة جوية او بحرية عن بكرة أبيها.
8 ـ وإمعاناً منها في استفزازاتها، قامت واشنطن بإطلاق مناورات بحرية وجوية، بتاريخ ٣٠/١٠/٢٠٢٢، تشارك فيها ٢٤٠ طائرة وعشرات القطع البحرية الحربية في بحار الصين وبحر اليابان، بحجة الخشية من تنفيذ كوريا الشمالية تجربة نووية، وهو الأمر الذي لم تعلن عنه جهة رسمية في جمهورية كوريا الديموقراطية، التي لها كامل الحق في اتخاذ الإجراءات العسكرية الضرورية لحماية أمنها، خاصة أنها عانت من الغزو العسكري الأميركي، في مطلع خمسينيات القرن الماضي، وهو الغزو الذي ادّى الى تقسيم شبه الجزيره الكورية واستيلاء واشنطن على النصف الجنوبي لتلك البلاد.
ومكر أولئك هو يبور،
بعدنا طيّبين قولوا الله…

 

محمد صادق الحسيني

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال