وحدة الصف الشيعي-السني السبيل الوحيد لتحرير فلسطين
منذ العام 2011 أي منذ بدء ما يسمى بثورات "الربيع العربي" غاب صوت العقل والمنطق وأنهكت الطائفية جسد الأمة العربية والإسلامية المريض، وتمكن التضليل من فرض الظلام في المناطق الضعيفة الهشة.
بدأت وسائل الإعلام بدس السم في العقول في هجوم معدّ مسبقاً ارتفع فيه خطاب الكراهية وخطاب "نصرة أهل السنّة"، وكثر الحديث عن الهلال الشيعي والتمدّد الإيراني، وغابت فلسطين عن الخطابات والعناوين الرئيسية.
وعندما أعلن العقلاء عن مشاريع، سارع الحاقدون والعملاء إلى تصنيف مواقفهم في إطار التبعية، للإيحاء بأنهم يعملون لمصلحة طرف ولا ينطقون بمواقفهم الأصلية والمتأصلة في قناعاتهم.
لا يخفى على أحد أنه تم افتعال الخلاف الطائفي من أجل كسر المقاومة وإنهاء القضية المركزية فلسطين، وهنا لا يمكننا أن ننكر بأن الخطة نجحت في إثارة الرأي العام العربي وتعبئة قسم من المسلمين، بل الأخطر هو قيام بعض التيارات السياسية والقادة بالسعي إلى التقسيم بدل الوحدة، رغم أن مشروعهم ينطوي تحت راية المقاومة.
وبالعودة التاريخية لمحاولات التقسيم ونشر الفتنة، قام وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد بأمر البنتاغون في العام 2001 بصياغة خطط للإطاحة بسبع دول في الشرق الأوسط، بدءاً من العراق، ثم سوريا، ثم لبنان، وليبيا، والصومال، والسودان، وانتهاءً بإيران.
وفي العام 2006، وضعت السفارة الأميركية في دمشق خططًا مفصلة لزعزعة استقرار سوريا والإطاحة بها، وكان ذلك قبل وقت طويل من حدوث التظاهرات في سوريا.
وبالعودة أكثر نذكر الحرب الأهلية في لبنان عام 1975 والتي استمرت ما يقارب خمسة عشر عاما أودت بحياة الكثيرين وأدت إلى تفكك داخلي كبير ونشوء عدد كبير من التيارات والأحزاب السياسية والدينية المتصارعة فيما بينها والأمثلة كثيرة لا تنتهي.
كل ما سبق ذكره خطط له الفكر الصهيوأمريكي وأذنابه في المنطقة بهدف تحييد الأمة العربية والإسلامية عن القضية الفلسطينية وإلهائها بحروبها الداخلية فالنوايا الغربية في تقسيم المنطقة على أساس مذهبي وطائفي، ليست سرا، حيث رسمت خرائط للمنطقة بعد تقسيمها.
ولطالما سخرنا من مثل هذه المخططات، وكنا نستبعد حدوثها، لأن من يريد أن يفعل لا يكشف عن نواياه، ولكننا نكتشف الآن أننا سائرون في هذا الطريق.
ولطالما كان الدور الغربي في تأجيج الصراع يتم بشكل غير مباشر وبأسلوب يبدو وكأنه إنتاج داخلي محض، ليبدو الأمر وكأن مشاكلنا من صناعة أيدينا.
السياسة الغربية منذ قديم الأزل تقوم على الهيمنة من خلال التشتيت والتقسيم، ليشعر كل طرف بحاجته إلى دعم الغرب وتسليحه، ويكون ذلك هو المدخل للسيطرة والنفوذ، ويتحول العالم العربي من قلب للعالم، إلى قلب شرايينه تتصادم.
إلا أن دول الغرب نسيت أنه كان الدعم للقضية الفلسطينية هو الشيء الوحيد الذي اتفق عليه السنة والشيعة. وفي المؤتمر الإسلامي الذي انعقد بالقدس عام 1931 لإظهار التضامن الإسلامي ضد الصهيونية، اقترح المشاركون قيادة مرجعية شيعية عراقية للصلاة في الأقصى.
وبعد 75 عاما حظي حزب الله بعد حربه مع إسرائيل عام 2006 بدعم من السنة والشيعة على حد سواء، ونفس الأمر يحصل اليوم مع حماس في غزة كل هذا زاد من مخاوف أمريكا وربيبتها اسرائيل وبعض الدول العربية المتواطئة معها.
وإذا ما تمعنا بالمواقف من العدوان الإسرائيلي على غزة سنلحظ غياب البعد الطائفي في التعاطف مع غزة، فقد اختفت الخطوط الطائفية التي أصبحت سمة المنطقة مؤخرا.
الحرب في غزة تحدت كل هذه الأنماط، فالفلسطينيون في غالبيتهم سنة، ونشأت حماس من عباءة الإخوان المسلمين المتجذرة في مصر والتي تعتبر أكبر حركة سنية في القرن العشرين، والسؤال عن السبب الذي وجدت فيه حماس أكبر حلفاء لها بين الشيعة في العراق ولبنان وسوريا وإيران واليمن؟ والجواب كامن في طبيعة الصراع على فلسطين وتحريرها والذي يحتل جزءا مهما في تفكير وعواطف كل من السنة والشيعة حول العالم، ويعتبر أعمق من محور المقاومة.
فبعد بضعة شهور من بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بدأ العمل بجبهة إسلامية متحدة تجمع الرأي العام الاسلامي وبالنسبة لأمريكا وحلفائها، فهذا تحد يذهب أبعد من مواجهة محور المقاومة.
فمن خلال سد الفجوة الطائفية في الشرق الأوسط، تهدد الحرب في غزة بتراجع التأثير الأمريكي وتعقد على المدى البعيد أي تدخل عسكري مستقبلي. وتمثل الوحدة الجديدة عقبات مهمة أمام جهود الولايات المتحدة لفرض سلام من القمة للقاع تستثني فيه الإسلاميين الفلسطينيين.
وأجمع مراقبون على أن “وحدة الساحات” تعرضت لامتحان في غزة، حيث أظهرت الفصائل المؤيدة لإيران الدعم لحماس ولكنها حرصت على عدم التورط في حرب شاملة. ورغم النقد لإيران والفصائل المؤيدة لها في المنطقة وأنها تريد توسيع الحرب إلا أن الدعم لحماس وعقيدتها واسع وحتى داخل الدول التي أقامت علاقات مع إسرائيل.
علينا ألا ننسى أن فلسطين هي قضيتنا المركزية والمبدئية التي لا يمكن أن نحيد عنها وتسقط عندها كل الحسابات، فها قد روت دماء القائد اسماعيل هنية وهو قائد سني أرض إيران الشيعية وإيران تتوعد برد قاس على ذلك لتضرب كل محاولات الفتنة وتسكت أفواه المرتزقة ومن يحاول أن يشعل نار الطائفية في قضية تترفع عن كل هذا الجهل والظلام.
ختاماً يمكن القول إن اغتيال اسماعيل هنية في إيران جعل الوحدة الاسلامية أكثر رسوخاً وعزماً على مواجهة كل محاولات التقسيم والتضليل وأنه لا غنى عن وقوف الشيعة والسنة في صف واحد للقضاء على عدوهم الأوحد. وكما قال سماحة السيد حسن نصر الله قد يضحك الصهاينة اليوم قليلاً ولكن سيأتي وقت يبكون كثيراً.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال