مازال الشعب الفلسطيني يعاني من احتلال صهيوني وحشي دام أكثر من سبعة عقود، إذ كثف كيان الاحتلال بوصفه قوة محتلة سياساته وأعماله المدمرة والعدوانية ضده مما أسفر عن سقوط قتلى من الناس العاديين، بمن فيهم الأطفال طوال سنين.
وعلى الجانب الآخر، واصل الکیان الإسرائيلي تشويه سمعة المقدسات الدينية والإسلامية. إن المسجد الأقصى، بوصفه مثالا بارزا على التعرّض لمثل هذه الاعتداءات، لم يفتأ الکیان الصهيوني یستمر في استهدافه بمختلف الهجمات والاستفزازات اليومية للإسراع في تنفيذ خطة غير قانونية تتمثل في التقسيم الزماني والمكاني للبقعة المتبركة.
وبالمثل، لا يزال الوضع الإنساني في قطاع غزة مترديًا. إذ دمّر الحصارُ اقتصادَ غزة وتسبب في دمار واسع النطاق وقطْع صلة معظم الناس بالعالم الخارجي.
ويكون استمرار الحصار الوحشي على غزة عقابا جماعيا للأبرياء وجريمة ضد الإنسانية تشكّل تهديدا خطيرا للسلم والأمن الدوليين وتنتهك جميع القوانين والأعراف الدولية.
ولكن من المؤسف جدا أن مجلس الأمن فشل حتى الآن في تحمّل مسؤوليته بموجب ميثاق الأمم المتحدة لإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية، ومن ثمّ أعطى عدمُ المبادرة ضد خرق القوانين الدولية في أرض فلسطين المحتلة الكيانَ الإسرائيلي الجرأةَ على مواصلة جرائمه الفظيعة ضد الشعب الفلسطيني المظلوم.
وترتفع جرائم الصهاينة ضد الفلسطينيين لدرجة أن مايكل لينك “المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية” أشار إلى بعضها في 25 مارس/آذار، قائلا: “اليوم، تشهد الأراضي الفلسطينية نظاما قانونيا وسياسيا مزدوجا وتمييزيا للغاية يمنح تنازلات مختلفة لـ 700 ألف مستوطن يهودي إسرائيلي يعيشون في 300 مستوطنة إسرائيلية غير قانونية في القدس الشرقية والضفة الغربية. وفي غزة، حاصرت إسرائيل مليوني فلسطيني في سجن أطلق عليه رئيس الوزراء البريطاني السابق اسم “السجن المفتوح”، وهي طريقة فريدة من نوعها في العالم الحديث للسيطرة على السكان. وفي السنوات الأخيرة، صرّح رؤساء الوزراء الإسرائيليون صراحة بأن حكم إسرائيل على الفلسطينيين وأراضيهم دائم وأنه لن يتم إنشاء دولة فلسطينية، في حين أن السيادة الدائمة للأجانب على الأراضي المحتلة وسكانها الأصليين هي نقطة الخلاف بالقانون الإنساني الدولي، وفي العقود الأخيرة، جعل احتلالُ إسرائيل المكثف للأراضي الفلسطينية خطة الضمّ أمرا لا يمكن تمييزه”.
والحقيقة أن المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان لم يقدموا أي دعم للفلسطينيين فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي وجرائم الحرب التي يرتكبها ضد المدنيين، إلا أنهم أدانوا شفهياً جرائم الصهاينة بين الحين والآخر دون أن يفرضوا عقوبات على المعتدي (الكيان الصهيوني)، وبدلاً من ذلك كانوا دائمًا من أنصاره ومنحوه تنازلات أيضا.
في حين أنه عقب الغزو الروسي الأخير لأوكرانيا ومبادرة العديد من الدول لمقاطعة روسيا ومسؤوليها، أزاح ردُّ فعل المجتمع الدولي السريع والحاسم حيال الأزمة الأوكرانية الستار َعن وجهه الحقيقي الذي يدين العنصرية من ناحية، ولم يفتأ يدعم نظام الفصل العنصري الصهيوني ضد الفلسطينيين منذ عقود، من ناحية أخرى.
وأشاد العالم الغربي بالشاب الأوكراني الذي فجّر نفسه أمام دبابة روسية وضحّى بحياته من أجل تحرير بلاده، لكن في كثير من الحالات ضحّى الفلسطينيون بأرواحهم في مثل هذه العمليات ضد الدبابات الإسرائيلية غير أنهم واجهوا ردود فعل مختلفة تماما عن العالم الغربي.
وعقب العدوان العسكري الأخير الذي شنّه كيان الاحتلال على غزة، فشل مجلس الأمن في إجبار تل أبيب على وقف العدوان، على الرغم من إصداره ثلاثة قرارات. بالإضافة إلى ذلك، خلال الاجتماع الوحيد للجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص هذه المسألة، لم يُدِن أي من المتحدثين قتل أطفال غزة باعتباره إرهابا، لكن في جلسة مماثلة للجمعية صفّق فيها الحاضرون لأوكرانيا وقاطعوا روسيا.
كما أنهم تحدثوا عن مسجد في أوكرانيا تعرض للقصف الروسي، لكسب المزيد من التعاطف مع الشعب الأوكراني بينما دمر الجيش الإسرائيلي 400 مسجد في قطاع غزة ما أدّت إلى استشهاد المصلّين.
في واقع الأمر، فضحت حرب أوكرانيا تناقض قادة الكيان الصهيوني والدول الغربية المتحالفة معه على الساحة الدولية. وفي ظل هذه الظروف الفوضوية التي أبدت عنصرية العالم الغربي لجميع أحرار العالم، فإن الاحتفال بيوم القدس العالمي والدفاع عن الشعب الفلسطيني في جميع أنحاء العالم سيمنح الفلسطينيين الأمل وسيكون بلسما لجراحهم.
ولا يخفى على أحد أنه بعد أن أطلق الإمام الخميني على الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك اسم “يوم القدس”، بلغت الجهود المبذولة لتعزيز الأنشطة الثقافية الدعائية وتقديم القدس والأرض المقدسة الفلسطينية للعالم ذروتها. من ثمّ سينتاب المقاتلين الفلسطينيين الشعورُ بأن 1.5 مليار مسلم والعديد من أحرار العالم يدافعون عنهم وعن انتفاضتهم ضد الكيان الإسرائيلي المحتل والشرير ويجددون حيويتهم للدفاع عن القدس النبيلة ومُثُلهم المقدسة.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال