للقدس قيمة وأهمية كبيرة من وجهه نظر الوحي الالهي و من ناحية النظرة الإسلامية بسبب وجود المسجد الأقصى . وتكمن أهمية القدس الشريف في أن هذه الأرض المقدسة هي محل إقامة و بعث الأنبياء ، وهي القبلة الأولى للمسلمين وهي مكان الصعود السماوي للنبي العظيم صلى الله عليه وسلم .
بعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية ، الإمام الخميني (ره) ، قام بإطلاق تسمية “يوم القدس” لإظهار الحساسية العالمية للقدس ومحاولة تحريرها من براثن المجرمين الصهاينة . ومن خلال إطلاق يوم القدس أوضح الإمام الخميني (ره) أن مشاكل المسلمين متشابكة مع بعضها و يتوجب عليهم عدم السماح لأعداء الأمة الإسلامية بالاعتماد على الخلافات الدينية والمذهبية في العالم الإسلامي للقيام بمؤامراتهم الشريرة .
اعتبر الإمام الخميني “يوم القدس” يوماً عالمياً لا يقتصر فقط على الفلسطينيين أو المسلمين ، حيث وصفه بأنه ” يوم مواجهة بين المظلومين والمتغطرسين . يوم مواجهة الشعوب القابعين تحت ضغط القمع الأمريكي . يوم يجب أن ينتصر فيه المظلومين على المتكبرين و يقوموا بإذلالهم ” .
كان تشكيل الكيان الصهيوني المزيف ممكناً بعد خلق الانقسامات بين المسلمين من قبل المستعمرين وخاصة البريطانيين . كان السبيل الوحيد أمام المستعمرين لإنشاء وتشكيل إسرائيل في أرض فلسطين هو خلق الفتنة بين المسلمين ، لأنه في الأسس الفكرية والعقائدية للمسلمين فإن مواجهة المستعمرين والمعتدين والمحتلين لها أهمية خاصة . قام المستعمرون بإشغال المسلمين بالخلافات و الاقتتال فيما بينهم حتى نجح المستعمرون بالوصول إلى خططهم الشريرة .
بعد الثورة الإسلامية في إيران وخوف الغرب من نشر فكرة المقاومة في مواجهة الغطرسة إلى دول أخرى ، قامت الولايات المتحدة ، وهي الداعم الرئيسي للكيان الصهيوني ومصالحه في منطقة غرب آسيا ، بالعمل على استمرار الحرب والصراع بين دول منطقة غرب آسيا لتوفير استقرار هذا الكيان . نجحت واشنطن من خلال التدريب العسكري والمساعدات والأسلحة للجماعات الإرهابية التكفيرية وحلفائها في منطقة غرب آسيا بإشغال المنطقة في صراع لا نهاية له و تحييدهم عن أيديولوجية المقاومة الإسلامية في نصرة المظلومين وتوريطهم في مشاكلهم الداخلية .
بالإضافة إلى ذلك ، كانت الحرب الاقتصادية والضغط والعقوبات أدوات أخرى للغطرسة العالمية في السنوات الأخيرة لإخضاع الدول الإسلامية . قاومت جمهورية إيران الإسلامية ودول أخرى في المنطقة بشدة هذه الهجمات . ما نشهده اليوم بسبب حروب الغطرسة في منطقة غرب آسيا هو ظهور قوة جبارة تسمى محور المقاومة يمتد نطاقه بشكل واسع ، ليس فقط في المنطقة بل من لبنان واليمن والعراق وسوريا وأفغانستان وباكستان إلى البلدان الأفريقية وأمريكا اللاتينية .
لقد قاوم كيان الاحتلال في القدس أيديولوجية المقاومة بأعماله الإجرامية وانتهاكاته لحقوق الإنسان ، وكل ما يحاول فعله هو تحييد المقاومة ومنعها من الانتشار لأن هذه الأيديولوجية ، إذا انتشرت ، يمكن أن تؤدي إلى وحدة المسلمين ضد كيان الاحتلال في القدس وجعل هزيمته مؤكدة في فلسطين . لقد أدركوا قوة الأمة الإسلامية وهم يعرفون أنه إذا كانت الأمة الإسلامية متحدة ، ليس فقط كيان احتلال القدس ، بل إن نظام الهيمنة العالمية والصهيونية برمته سيكون مُعرّضاً للهزيمة .
التطورات الأخيرة في المنطقة وصعود حركة انصارالله في اليمن ،و الزينبيون في باكستان ، و الفاطميون في أفغانستان ،و الحشد الشعبي في العراق ، وجبهة المقاومة الشعبية في سوريا ، وحزب الله في لبنان و مجموعات المقاومة الفلسطينية ، إنها تُبشّر بشرق أوسط جديد ، هو الشرق الأوسط الإسلامي .
الشرق الأوسط حيث لن يكون هناك اسم للكيان الصهيوني .
كشفت مبادرة الإمام الخميني في تحديد اليوم العالمي للقدس في العقد الخامس من الثورة الإسلامية عن ثمرتها الطيبة ، وهذه النتيجة تدل على تفكيره الاستراتيجي والعميق . تُظهر التوجهات المناهضة للصهيونية وأمريكا في الثورات العربية وشمال إفريقيا مدى إستراتيجية إنشاء يوم القدس في الثقافة السياسية للعالم الإسلامي؟ استراتيجية الإمام الخميني بشأن القدس لم تسمح للغرب والولايات المتحدة وإسرائيل بجعل قضية القدس وفلسطين قضية صغيرة وتنفيذ مخططاتهم الشريرة ، وأوضح الإمام بمبادرته أن قضية القدس وفلسطين قضية إسلامية ومتصلة بالعالم الإسلامي كله ، وعلى هذا الأساس فإن شعوب الدول العربية وشمال إفريقيا وأجزاء أخرى من العالم الإسلامي تصرخ اليوم ضد إسرائيل ما جعل كيان إسرائيل الغاصب والمزيف والولايات المتحدة الداعمة له في حالة خوف شديد .
مصدر؛iuvmpress.news
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال