F22 الاميركية في سوريا.. هل اقترب الاشتباك الفعلي مع الروس؟ 365

F22 الاميركية في سوريا.. هل اقترب الاشتباك الفعلي مع الروس؟

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ "الولايات المتحدة الأميركية أرسلت أربع طائرات "F-22" باتجاه سوريا، بعد التوتر المتصاعد بين الأميركيين والروس فيها"، وبحسب المعلق السياسي في قناة "كان" الإسرائيلية، "عميحاي شطاين"، فإنّ "الأميركيين أعلنوا أمس، أنّهم أرسلوا 4 طائرات "F-22" المتطورة باتجاه سوريا، بسبب مواجهات بينهم وبين الروس"، ونقل شطاين عن قائد سلاح الجو الأميركي في الشرق الأوسط، ان "التحرش الروسي يمنع من تنفيذ المهمات الأميركية ضد داعش وإيران في سوريا"، وقد اصبح الروس، بحسب "شطاين" ايضا: "يتحرشون بالطائرات الأميركية ويصلون إلى مسافات قريبة، والطائرات الروسية مسلحة بأسلحة حية، وهناك إمكانية للكثير من الحوادث".

في الواقع، قد يكون أجراءً عاديا، ان ترسل القيادة العسكرية الاميركية قاذفات "F-22" الى سوريا، فالانتشار الاميركي ونقل وتبديل القوى والوحدات ومن كافة الاسلحة، وخاصة في قوى الجو، هو قائم على قدم وساق وفي كافة مناطق العالم، انطلاقا من مروحة واسعة من القواعد الاستراتيجية المنتشرة في الكثير من الدول والمناطق حول العالم، او انطلاقا من سرب ضخم من حاملات الطائرات يناهز عددها الاحدى عشرة حاملة، جميعها عاملة في كل محيطات العالم بنشاط، وهي في أعلى درجات الجهوزية العملانية والتقنية، كما وأن مستوى الحراك العسكري الاميركي حول العالم قد ارتفع مؤخرا بنسبة كبيرة، وعلى خلفية اكثر من اشتباك استراتيجي، أهمها واكثرها حساسية، ضد الصين وضد روسيا.

ولكن، ما يدعو للاضاءة وللتوقف عنده حول هذا الموضوع، يكمن في محاولة تحديد السبب الفعلي من وراء هذه الخطوة الآن، وما هي الحاجة او الفكرة من وضع "F-22" للتدخل في سوريا، في الوقت الذي كانت فيه وما زالت خارج الانتشار في مناطق المواجهة التقليدية، وهي القاذفة الخاصة المميزة لدى الاميركيين، والتي لم تحصل عليها اي دولة حتى الان ــ مع وجود شبهات بان "اسرائيل" وحدها قد حصلت عليها، دون الاعلان الرسمي عن ذلك، وعلى عكس "F-22"، و التي تمتلكها عشرات الدول حول العالم؟

فهل يشي هذا النشر الاستثنائي لـ "F-22" بتغيير معين في عناصر الاشتباك وتحديدا مع الروس، حيث الاشتباك بين الطرفين في الميدان السوري، هو الاكثر حساسية وخطورة اليوم، بسبب التداخل العملاني الاقرب بين الوحدات الاميركيية والروسية في سوريا، وبسبب تزايد حوادث الاحتكاك المباشرة والخطيرة بين الطرفين، بالرغم من ان هذه الساحة، كانت مضبوطة بشكل كبير، بما يشبه ربط نزاع بالغ الدقة والحساسية بين الطرفين وبآلية منع وقوع الحوادث او تصادم، نجحت ــ حتى الآن ــ في تلافي وقوع اي حادثة مباشرة بين الطرفين.

في الواقع، هناك عدة احتمالات ممكنة لارسال القاذفة "F-22" الى سوريا، اغلبها واردة وممكنة، ويمكن ادراجها كالتالي:

ــ بعد كثرة الحوادث التي تعرضت لها القاذفة الاميركية "F-22"، وسقوط عدد غير بسيط من هذه القاذفات (11 حادثة سقوط)، مع الجيش الاميركي مباشرة او مع دول اخرى تملك هذه القاذفة، مثل اليابان او بريطانيا، يمكن ان تكون الثقة قد تزعزعت بعض الشيء بهذه القاذفة، مما دفع القيادة الاميركية للدفع بالمقاتلة "F-22" الى ساحة اشتباك حالية مع الروس هي الاكثر خطورة وحساسية اليوم، حيث اي مواجهة  قد تحصل بين الطرفين، وتأتي نتيجتها في غير مصلحة الاميركيين، سيكون لها تداعيات ضخمة على واشنطن.

ــ يمكن ان يكون هذا النشر للقاذفة "F-22" للتدخل في سوريا، ردا على نشر موسكو صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا، وذلك من باب اجراء  تعديل في موازين القوى الاستراتيجية بين الروس والاميركيين، بالتبادل بين الشرق الأوسط مقابل شمال غرب اوروبا والبلطيق، خاصة ان اي حادث جوي ذا طابع مواجهة مباشرة بين الطرفين، قد يحصل في شمال اوروبا او في شمال غربها، مع هذا التشنج المرتفع المستوى بين الطرفين على خلفية الحرب في اوكرانيا، سيؤدي حتما الى تطور المواجهة الى مستوى خطير وتداعيات كارثية، ستتجاوز حتما الاشتباكات الموضعية اليوم بين الطرفين.

ــ ايضا، وعلى خلفية الاشتباك الحالي مع الصين، يمكن ان تشكل القاذفة "F-22" قاعدة دعم خلفية للوحدات الاميركية المتواجدة في شمال المحيط الهندي او في شمال غرب المحيط الهادي، وحيث يبلغ مدى عملها حوالي 3000 كلم، تصبح امكانية تدخلها في اكثر من منطقة من اجواء المحيطين المذكورين واردة وممكنة.

ــ ايضا، لا يمكن استبعاد ان يكون لهذ النشر لــ "F-22" ارتباط خفي بمشروع معين ومخطط لتنفيذ اعتداء مرتقب على ايران من قبل اسرائيل"، فتكون "F-22" بمثابة قوة دعم جوي لهذا الاعتداء الإسرائيلي، في حال استفادت ايران من دعم معين من حلفائها وخاصة من روسيا، الامر الذي لم يعد مستبعدا (الدعم الروسي لايران).

عمليا، ومن خلال اجراء مقارنة تفصيلية عامة بين مميزات وقدرات قاذفتي الجيل الخامس الشبحيتين الاميركيتين "F-35" و "F-22"، وبحسب ما نقلته وكالة الانباء الروسية "سبوتنيك" عن مجلة "ناشيونال إنترسبت" الأمريكية، فانه، ورغم التشابه في الهدف، إلا أن المقاتلة الشبحية "F-35E" لها مهام تختلف عن مهام مقاتلات "F-22"، فالاولى "F-35" تم تصميمها لتكون طائرة هيمنة جوية، حيث يمكنها كشف مواقع الرادارات الأرضية للعدو وتدميرها بضربات استباقية، وهو ما يحرم العدو من استخدام الدفاعات الجوية ضدها، بينما تكون مهام مقاتلات "F-22" هي القضاء على الأهداف الجوية المعادية وتدميرها لفتح الطريق أمام مقاتلات الجيل الرابع مثل "F-16" و"F-15" لتنفيذ عمليات قصف واسعة ضد قوات العدو".

من هنا، وانطلاقا من الفارق الرئيسي في المميزات بين القاذفتين، والذي هو بالنسبة لــ "F-22"، القضاء على الأهداف الجوية المعادية وتدميرها لفتح الطريق امام المقاتلات الاخرى، فإن هاجس الاشتباك المباشر مع الروس في الاجواء السورية، أصبح هو السبب الرئيسي لنشر هذه القاذفة الشبحية في المنطقة.


المصدر: العهد

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال